ولا جاد بندّه ، وبالجملة فلم تتشنف الأسماع بأعجب من أخباره (١).
وقد ذكره الشهاب في كتابه (٢) ، وبالغ في الثناء عليه.
وذكره السيد علي بن معصوم وقال : ولد ببعلبك عند غروب شمس يوم الأربعاء لثلاث عشر بقين من ذي الحجّة سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة ، وانتقل به أبوه إلى بلاد العجم ، وأخذ عن والده وغيره من الجهابذة ، كالعلاّمة عبد الله اليزدي ، حتى أذعن له كلّ مناظر ومنابذ ، فلمّا اشتدّ كاهله وصفت له من العلم مناهله ، ولّي بها شيخوخة الإسلام ، ثم رغب في الفقر والسياحة ، واستهب من مهاب التوفيق رياحه ، فترك المناصب ومال لما هو لحاله مناسب ، فحج بيت الله الحرام ، وزار النبي عليه الصلاة والسلام ، ثمّ أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة ، واجتمع في أثناء ذلك بكثير من أهل الفضل.
ثم عاد وقطن بأرض العجم ، وهناك همي غيث فضله وانسجم ، فألّف وصنّف ، وقرط المسامع وشنّف ، وقصدته علماء تلك الأمصار ، واتفقت على فضله إسماعهم والأبصار ، وغالت تلك الدولة في قيمته ، واستمطرت غيث الفضل من ديمته ، فوضعته على مفرقها تاجا ، وأطلعته في مشرقها سراجا وهّاجا ، وتبسمت به دولة سلطانها شاه عباس ، واستنارت بشموس رأيه عند اعتكار حنادس البأس ، فكان لا يفارقه سفرا وحضرا ولا يعدل عنه سماعا ونظرا ، إلى أخلاق لو مزج بها البحر لعذب طعما ، وآراء لو كحلت بها الجفون لم يلف أعمى ، وشيم هي في المكارم غرر وأوضاح ، وكرم بارق جوده لشائمه لا مع وضّاح ، تنفجر ينابيع السماح من نواله ، ويضحك ربيع الافضال من بكاء عيون آماله.
__________________
(١) خلاصة الأثر ٣ : ٤٤٠.
(٢) ريحانة الألبّاء ١ : ٧٠٢ / ٣٢.