أنفقوه (١) في ضروريات معاشكم فقال له : إنّا لا نقدر على صرفها (٢) بدون رضى الوالدة وإجازتها.
فلمّا استجاز منها قالت له : إنّ لوالد كما دكّانا غلّته أربعة عشر غازبيكي (٣) وهي تساوي مخارجكم على حسب ما عيّنته وقسمته ، وصار ذلك عادة لكم في مدّة من الزمان ، فلو أخذت هذا المبلغ تصير حالكم في سعة ، وهذا المبلغ ينقطع عن آخره يقينا ، وأنتم تنسون العادة الأولى ، فلا بد لي أن أشكو حالكم في غالب الأوقات إلى جناب المولى وغيره ، وهذا لا يصلح بنا.
فلمّا سمع المولى الجليل هذه المعذرة دعا في حقّهم فاستجاب الله تعالى دعاءه ، فجعل هذه السلسلة العليّة من حماة الدين ومروجي شريعة خاتم النبيين صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأخرج منهم هذا البحر الموّاج ، والسراج الوهّاج.
وصادفه أيضا بعد هذا الدعاء العام دعاء والده المعظم ، كما في مرآة الأحوال للعالم المتبحر آغا أحمد ابن الأستاذ الأكبر البهبهاني ، قال : حدثني بعض الثقات عن والده الجليل المولى محمّد تقي أنه قال : إن في بعض الليالي بعد الفراغ من التهجد عرضت لي حالة عرفت منها أني لا أسأل من الله تعالى شيئا حينئذ إلاّ استجباب لي ، وكنت أتفكر فيما أسأله تعالى من الأمور الأخرويّة والدنيوية ، وإذا بصوت بكاء محمّد باقر في المهد. فقلت : إلهي بحقّ محمّد وآل محمّد عليهمالسلام اجعل هذا الطفل مروّج دينك ، وناشر أحكام سيّد رسلك صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووفّقه بتوفيقاتك التي لا نهاية لها.
قال : وخوارق العادات التي ظهرت منه لا شك أنّها من آثار هذا الدعاء ، فإنه كان شيخ الإسلام من قبل السلاطين في بلد مثل أصفهان ، وكان
__________________
(١) أي : المال.
(٢) أي : صرف الثلاثة توامين.
(٣) وهي : سكة تعادل جزء من أجزاء القران القديم. انظر لغتنامه دهخدا ( غاز ٢١ )