عليه ( ص ) يريد به صلة الرحم ، وما كان يعطيه للوفود والشعراء ومخالفي المذهب فيكتب عليه ( س ) يريد به ستر العرض ، وكانت هذه مصارفه ، وكان يؤثر على نفسه ، ولم يرض في جمع المال ، فإذا رأى شيئا فاضلا على ما أنفقه يقول : يا ربّ لا تجعلني من الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله.
وكان رضياللهعنه زاهدا مرتاضا ، يأكل الجشب ، ويلبس الخشن ، اقتداء بسيرة آبائه عليهمالسلام وكانت عبادته يضرب بها المثل ، حتى أنه لمّا كان بصره عليه كان أكثر ليالي الجمع يختم بها القرآن ، ولا تفوت عليه النوافل ، وكان كثير الصيام ، لم يفته صوم سنة (١) ، إلاّ أنه كان تارة يصوم رجب ويفطر في شعبان أيّاما ، ومع ما كان عليه من الزهد والتقوى فكانت شجاعته أيضا تضرب بها الأمثال. إلى آخر ما قال.
قال صاحب الرياض : أمّا كثرة أولاده وبركة نسله فهي على حدّ قد بلغ في عصرنا هذا أنّه إذا ركب الوالي يركب معه أزيد من خمسمائة من أقربائه وعشائره ، مع قتل جمّ غفير منهم في عصرنا هذا دفعة في واقعة ، ومن قتل منهم في المعارك سابقا. انتهى (٢).
وقد عثرنا من مؤلفاته النفيسة على كتاب مظهر الغرائب ، وهو عشرة آلاف بيت في شرح دعاء عرفة لأبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، وهو شاهد صدق على ما قالوا فيه من العلم والفضل والتبحر ، بل وحسن السليقة.
قال في أوّله ـ بعد ما ذكر أنّه سمع بهذا الدعاء ولم يظفر به بعد الجدّ في الطلب والسعي في تحصيله ـ قال : حتى وفقني الله للحجّ الذي هو أسنى
__________________
(١) أي : مستحب.
(٢) رياض العلماء ٢ : ٢٤٦.