والتبرك.
مع أنّ في كلام هذا البعض نظر من جهة أنه ظنّ انحصار فائدة الإجازة في تصحيح النسبة ، أو محض التيمّن والتبرّك ، وهو في حيّز المنع ، فإن الظاهر من كلمات القوم وفحاوي الأخبار الواردة في هذا المقام عدم جواز الرواية تعبدا ، أو سدّا لثغور الشريعة المطهرة ، إلاّ بعد حصول الرخصة فيها من المشايخ ، بأحد من الوجوه المقررة ، كما لا تجوز الفتوى إلاّ بعد حصول درجة الاجتهاد ، وإن كان ممّا يطابق الواقع ، مضافا إلى عدم انطباق لفظ ( جاءَكُمْ ) المذكور في آية النبإ (١) على غير ما كان من الخبر منقولا بهذه النسبة ، فيبقى العمل بما ألفاه الرجل من غير هذه الطرق تحت أصالة المنع عن العمل بمطلق الظن ، انتهى.
وقال الشيخ شمس الدين محمّد بن المؤذن الجزيني في إجازته للشيخ علي ابن عبد العالي الميسي : وبعد ، فلمّا كان الواجب على نوع الإنسان التفقّه في كل زمان ، وذلك بالنسبة إلينا بدون الرواية متعذّر ، وكان ممّن وسم بالعلم والفهم وحصل منه على أكبر سهم ، الشيخ الصالح المحقق زين الدين علي ولد الشيخ الصالح عبد العالي الشهير بابن مفلح الميسي ـ زيد فضله وكثر في العلماء مثله ـ قد التمس من العبد إجازة متضمّنة ما أجيز لي من مشايخي قراءة وإجازة ، لعلمه بأن الركن الأعظم في الدراية هو الرواية ، فاستخرت الله وأجزت له. إلى آخره (٢).
وغير ذلك مما يوجد في كلماتهم صريحا أو إشارة ، ويستظهر منه الاحتياج إلى تحمّل الأحاديث ببعض طرقه في مقام العمل بها ، وإن كان في المناقشة في جملة منها مجال إلاّ أن فيما ذكره الجماعة ـ من أن ذكر الطرق وأخذ الإجازة لمجرد
__________________
(١) الحجرات ٤٩ : ٦.
(٢) انظر بحار الأنوار ١٠٨ : ٣٥.