الأربعة ونظائرها ، وجعل الكل في كتاب واحد ، سهل الطريقة ، حسن التبويب ، جيد الترتيب ، ليلبّي حاجة الفقيه من حيث الاستدلال بالحديث على مسائل الفقه كافّة دون الرجوع إلى عشرات بل مئات الكتب الأخرى للغرض المذكور نفسه.
وممن يسر الله تعالى ـ وله الحمد ـ لهذه المهمة الشاقّة المضنية ـ التي لا يقتصر أمرها على الجمع والتدوين ، وإنما على التدقيق والتحقيق ـ رجل عالم مشهور ، وفقيه متضلع ، ومحدث ثقة أمين ، اجتمعت في شخصه خصال الورع ، والزهد ، والتقوى ، والعبادة ، مع نفاذ البصيرة ، وصفاء السريرة ، والولاء التام لآل خير الأنام عليهم الصلاة والسلام ذلك هو العبقريّ الشيخ الحرّ العامليّ ( ت / ١١٠٤ ه ) ـ قدسسره الشريف ـ.
أدرك الشيخ الحر ـ رضي الله تعالى عنه ـ أهمية هذا العمل الجبار وقيمته العلمية ، فاسترخص لأجله ما يقرب من عشرين عاما من عمره الشريف ، جمع خلالها الكثير من كتب الحديث عند الشيعة التي كانت تدور عليها رحى الاستدلال والاستنباط ، فجمعها ضمن منهج سليم ، استعرض خطواته في مقدمة كتابه الذي أعده لهذه الغاية ، ذلك الكتاب هو « تفصيل وسائل الشيعة » الذي تشرفت مؤسستنا بإعادة تحقيقه وطبعه وفق أحدث الأساليب العلمية ، فظهر بحلته الجديدة في ثلاثين مجلدا.
وما ان أتم الشيخ الحر كتابه هذا حتى تلقفته الحواضر العلمية الشيعية في كل مكان ، ورزق فضيلة الشهرة بين الفقهاء والعلماء ، وطلبة العلوم الشرعية ، إذ يسّر لهم الوقوف على خمسة وثلاثين ألفا وثمانمائة وثمانية وستين حديثا ، فلا غرو إذا أن يكون « وسائل الشيعة » جامعا مأمونا للكتب الحديثية الكثيرة ، التي طالما استنزفت من جهود رواد الحركة الفقهية الشيء الكثير ، وأن يكون من أكثر كتب الحديث فائدة عند الشيعة الإماميّة.