« أيامِنينا » على فَعُولُنْ أيضًا ؛ ليُسوِّىَ الضَّرْبينِ ، أو العَرُوضين ، ونظير هذه التسوية قولُه :
قد رَوِيَتْ غَيرَ الدُّهَيْدِهِيْنا |
|
قُلَيِّصَاتٍ وأُبَيْكريْنَا(١) |
كان حُكمُه أن يقولَ : غَيرَ الدُّهَيْدِهينا ؛ لأن الألِفَ فى دَهْدَاهٍ رابعَةٌ ، وحُكْمُ حرف اللينِ إذَا ثَبتَ فى الواحدِ رابعًا أن يثبُتَ فى الجمع ياءً ، كقولك : سرداحٌ وسَراديحُ ، وقِندِيلٌ وقناديل ، وبُهْلُولٌ وبهاليلُ ، ولكن أرادَ أن يسوّى بين دُهَيْدِهينا ، وبين أُبَيْكرينا ، فجعل الضربين جميعًا ، أو العروضين فَعُولُنْ ، وقد يجوز أن يكون « أيامِنيْنَا » جمع أيامِنَ الذى هو جمع أَيْمُنٍ ، فلا يكون هنالك حذُفٌ ، وأَمَّا قوله :
*هذا لعمرُو الله إِسرائِينَا*
(٢) فإنّ « قالت » هنا بمعنى ظنّتْ ، فعدتْهُ إلى مفعولينِ ، كما تعدَّى « قال » إلى مفعولينِ ، وذلك فى لغة بنى سُلَيْمٍ حكاه سيبويه عن أبى الخطّاب ، ولو أراد « قال » التى ليست فى مَعْنَى الظنّ لرفعَ ، وليس أحدٌ منَ العرب يَنْصِبُ « بقال » التى فى معنى ظنّ إلا بَنى سُلَيم.
* وهى اليُمْنَى : لا تُكَسَّرُ ، قال أبو عُبَيْدٍ : وأما قول عُمَر ـ رضى الله عنه ـ « وَزَوّدتْنَا يُمَينَتَيْهَا » فقياسه « يُمَيّنَيْهَا » ؛ لأنه تصغير « يَمينٍ » لكن قال : « يُمَيْنَتَيْهَا » على تصغير الترخيم ، وإنما قال : « يُمَيْنَتَيْهَا » ولم يقل يَدَيها ، ولا كَفَّيْها ؛ لأنه لم يُرد أنها جمعت كفيها ثم أَعطَتْهُما بجميع الكفينِ ، ولكنه أراد أنها أعطَتْ كُلَّ واحدٍ كفّا واحِدةً بيَمينها.
* وَأَيْمَنَ : أَخَذَ يَمِيْنًا.
* وَيَمنَ به ، ويَامَنَ ، وتيامَنَ : ذَهَبَ به ذات اليَمينِ.
وحكى سيبويه : يَمَنَ يَيْمِنُ : يعنى أخذ ذاتَ اليمينِ ، قال : وسَلّمُوا لأنّ الياءَ أخفُّ عليهم من الواوِ ، وقوله تعالى : (إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ) [الصافات : ٢٨] قال الزجّاجُ : هذا قول الكفّارِ للذين أضلوهم : كنتم تخدعونَنَا بأقوى الأسباب ، فكنتم تأتوننا مِنْ قِبَلِ الدّين فَتُرُونَنَا أنّ الدين والحقَّ ما تضلوننا به ، وقيل : معناه : كنتم تأتوننا من قِبَلِ الشهوة ؛ لأن اليَمِينَ مَوضِعُ الْكِبدِ ، والكبدُ مَظِنَّةُ الشهوة والإرادة ، ألا ترى أنّ القلبَ لا
__________________
(١) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (بكر) ، (يمن) ، (دهده) ، (علا) ، وتاج العروس (بكر) ، والمخصص ٧ / ٦١ ، ١٣٧ ، وتهذيب اللغة ٣ / ١٨٨ ، ٥ / ٣٥٧.
(٢) سبق تخريجه ، وهو فى لسان العرب (فطن) ، (يمن) ، والمخصص ١٣ / ٢٨٢ ، وتاج العروس (فطن) ، (يمن) ، (سرو).