حَتَّى لَحِقْنَا بِهِم تُعْدِى فَوارِسُنَا |
|
كأنَّها رَعْنُ قُفٍّ يَرْفَعُ الآلَا(١) |
وجهُ كون الفاعل فيه مرفوعًا والمفعول منصوبًا قائمٌ صحيحٌ مَقُولٌ به ، وذلك أن رَعْنَ هذا القُفّ لما رفعه الآل فرئى فيه ظهر به الآل إلى مرآة العين ظهورًا ، لولا هذا الرعن لم يبن للعين به بيانَه إذا كان فيه. ألا ترى أن الآلَ إذا بَرَقَ للبصر رافعًا شخصه (٢) كان أبدى للناظر إليه منه لو لم يلاق شخصًا يزهاه فيزداد بالصورة التى حملها سُفُورًا ، وفى مسرح الطَّرْفِ تجلّيًا وظهورًا ، فإن قلت : فقد قال الأعشى.
*إِذْ يَرْفَعُ الآلُ رَأْسَ الكَلْبِ فَارْتَفَعا* (٣)
فجعل الآلَ هو الفاعل والشخص هو المفعولَ! قيل : ليس فى هذا أكثر من أن هذا جائز وليس فيه دليل على أن غيره غير جائز ؛ ألا ترى أنك إذا قلت : ما جاءَنى غير زيد ؛ فإنما فى هذا دليل على أن الذى هو غيره لم يأتِكَ ، فأما زيد نفسه فلم تَعْرِضْ للإخبار بإثبات مَجِىءٍ له أو نفيه عنه ، فقد يجوز أن يكون قد جاء ، وأن يكون أيضًا لم يجئ ، وقول أبى ذؤيب :
وأشْعَثَ فى الدَّارِ ذِى لِمَّةٍ |
|
لَدَى آلِ خَيْمٍ نَفَاهُ الأَتِىُ(٤) |
قيل : الآلُ هنا الخشب. وآلُ الجبل : أطرافُه ونواحيه.
* وآلُ الرجل : أهلُه ، فإما أن تكون الألف منقلبة عن واو ، وإما أن تكون بدلاً من الهاء ، وقد تقدم فى الهاء ، وتصغيره أُوَيْلٌ وأُهَيْلٌ وقد يكون ذلك لما لا يعقل ، قال الفرزدق :
نَجَوْتَ وَلَمْ يَمْنُنْ عَلَيْكَ طَلَاقَةً |
|
سِوَى رَبِذِ التَّقْرِيبِ من آلِ أَعْوَجَا(٥) |
* والآلُ : الشخص ، وهو معنى قول أبى ذؤيب :
يَمَانِيَةً أحيَالهَا مَظَّ مَابِدٍ |
|
وَآلَ قَرَاسٍ صَوْبُ أَرمِيَةٍ كُحْلِ(٦) |
__________________
(١) البيت للنابغة الجعدى فى ديوانه ص ١٠٦ ، وأدب الكاتب ص ٢٨ ، وأمالى القالى ٢ / ٢٢٨ ، وجمهرة اللغة ص ٦٦٦ ، والخصائص ١ / ١٣٤ ، وسمط اللآلى ص ٨٥٠ ، ولسان العرب (أول) ، وتاج العروس (أول).
(٢) فى المخطوط نسخت : شخصًا.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) البيت لأبى ذؤيب فى شرح أشعار الهذليين ص ١٠٠ ، ولسان العرب (أول).
(٥) البيت للفرزدق فى ديوانه ١ / ١١٧ ، وسر صناعة الإعراب ١ / ١٠٢ ، ولسان العرب (أهل) ، (أول).
(٦) البيت من الطويل لأبى ذؤيب الهذلى فى شرح أشعار الهذليين ص ٩٦ ، ولسان العرب (مبد) ، (ميد) ، (قرس) ، (مفظ) ، (أول) ، (رمى) ، (سقى) ؛ والتنبيه والإيضاح ٢ / ٥٧ ، وجمهرة اللغة ص ١٥٤ ، والمخصص : ٩ / ٧٤ ، وتاج العروس (رمى).