٥٢ ، ومن هذا الباب قول موسى على ما حكى الله عنه : « فَعَلْتُها إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ » الشعراء : ٢٠ أي لم أهتد بهدى الرسالة بعد.
ويقرب منه ما قيل : إن المراد بالضلال الذهاب من العلم كما في قوله : « أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى » البقرة : ٢٨٢ ، ويؤيده قوله : « وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ » يوسف : ٣.
وقيل المعنى وجدك ضالا بين الناس لا يعرفون حقك فهداهم إليك ودلهم عليك.
وقيل : إنه إشارة إلى ضلاله في طريق مكة حينما كانت تجيء به حليمة بنت أبي ذؤيب من البدو إلى جده عبد المطلب على ما روي.
وقيل : إشارة إلى ما روي من ضلاله في شعاب مكة صغيرا.
وقيل : إشارة إلى ما روي من ضلاله في مسيره إلى الشام مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة.
وقيل : غير ذلك وهي وجوه ضعيفة ظاهرة الضعف.
قوله تعالى : « وَوَجَدَكَ عائِلاً فَأَغْنى » العائل الفقير الذي لا مال له وقد كان صلىاللهعليهوآله فقيرا لا مال له فأغناه الله بعد ما تزوج بخديجة بنت خويلد عليهالسلام فوهبت له مالها وكان لها مال كثير ، وقيل المراد بالإغناء استجابة دعوته.
قوله تعالى : « فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ » قال الراغب : القهر الغلبة والتذليل معا ويستعمل في كل واحد منهما ، انتهى.
قوله تعالى : « وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ » النهر هو الزجر والرد بغلظة.
قوله تعالى : « وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ » التحديث بالنعمة ذكرها قولا وإظهارها فعلا وذلك شكرها ، وهذه الأوامر عامة للناس وإن كانت موجهة إلى النبي صلىاللهعليهوآله.
والآيات الثلاث متفرعة على الآيات الثلاث التي تسبقها وتذكر نعمه تعالى عليه كأنه قيل : فقد وجدت ما يجده اليتيم من ذلة اليتيم وانكساره فلا تقهر اليتيم باستذلاله في نفسه أو ماله ، ووجدت مرارة حاجة الضال إلى الهدى والعائل إلى الغنى فلا تزجر سائلا يسألك رفع حاجته إلى هدى أو معاش ، ووجدت أن ما عندك نعمة أنعمها عليك ربك بجوده وكرمه ورحمته فاشكر نعمته بالتحديث بها ولا تسترها.