وهؤلاء الكفار سائرون سبيل الحياة وهم يعاندون الحق على علم به فيغمضون عن معرفة ما عليهم أن يعرفوه والعمل بما عليهم أن يعملوا به ولا يخضعون للحق حتى يكونوا على بصيرة من الأمر ويسلكوا سبيل الحياة وهم مستوون على صراط مستقيم فيأمنوا الهلاك.
وقد ظهر أن ما في الآية مثل عام يمثل حال الكافر الجاهل اللجوج المتمادي على جهله والمؤمن المستبصر الباحث عن الحق.
( بحث روائي )
في الكافي ، بإسناده عن سعد عن أبي جعفر عليهالسلام قال : القلب أربعة : قلب فيه نفاق وإيمان ، وقلب منكوس ، وقلب مطبوع ، وقلب أزهر. فقلت : ما الأزهر ، قال : فيه كهيئة السراج.
فأما المطبوع فقلب المنافق ، وأما الأزهر فقلب المؤمن ـ إن أعطاه شكر وإن ابتلاه صبر ، وأما المنكوس فقلب المشرك ثم قرأ هذه الآية « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ أَهْدى ـ أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ » ، فأما القلب الذي فيه إيمان ونفاق فقوم كانوا بالطائف ـ فإن أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك ـ وإن أدركه على إيمانه نجى.
أقول : ورواه في تفسير البرهان ، عن ابن بابويه بإسناده عن الفضيل عن سعد الخفاف عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إن القلوب أربعة ، وساق الحديث إلى آخره إلا أن فيه : وقلب أزهر أنور.
وقوله : « فهم قوم كانوا بالطائف » المراد به الطائف الشيطاني الذي ربما يمس الإنسان قال تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ » الأعراف : ٢٠١ ، فالمعنى أنهم يعيشون مع طائف شيطاني يمسهم حينا بعد حين فإن أدركهم الأجل والطائف معهم هلكوا وإن أدركهم وهم في حال الإيمان نجوا.
واعلم أن هناك روايات تطبق قوله : « أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلى وَجْهِهِ » الآية على من حاد عن ولاية علي عليهالسلام ومن يتبعه ويواليه ، وهي من الجري والله أعلم.