أخيرا من كون الأرض كرة سيارة.
قوله تعالى : « أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذا هِيَ تَمُورُ » إنذار وتخويف بعد إقامة الحجة وتوبيخ على مساهلتهم في أمر الربوبية وإهمالهم أمر الشكر على نعم ربهم بالخضوع لربوبيته ورفض ما اختلقوه من الأنداد.
والمراد بمن في السماء الملائكة المقيمون فيها الموكلون على حوادث الكون وإرجاع ضمير الإفراد إلى « مَنْ » باعتبار لفظه وخسف الأرض بقوم كذا شقها وتغييبهم في بطنها والمور على ما في المجمع التردد في الذهاب والمجيء مثل الموج.
والمعنى : ء أمنتم في كفركم بربوبيته تعالى الملائكة المقيمين في السماء الموكلين بأمور العالم أن يشقوا الأرض ويغيبوكم فيها بأمر الله فإذا الأرض تضطرب ذهابا ومجيئا بزلزالها.
وقيل : المراد بمن في السماء هو الله سبحانه والمراد بكونه في السماء كون سلطانه وتدبيره وأمره فيها لاستحالة أن يكون تعالى في مكان أو جهة أو محاطا بعالم من العوالم ، وهذا المعنى وإن كان لا بأس به لكنه خلاف الظاهر.
قوله تعالى : « أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ » الحاصب الريح التي تأتي بالحصاة والحجارة ، والمعنى : أأمنتم من في السماء أن يرسل عليكم ريحا ذات حصاة وحجارة كما أرسلها على قوم لوط قال تعالى : « إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلَّا آلَ لُوطٍ » القمر : ٣٤.
وقوله : « فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ » النذير مصدر بمعنى الإنذار والجملة متفرعة على ما يفهم من سابق الكلام من كفرهم بربوبيته تعالى وأمنهم من عذابه والمعنى ظاهر.
وقيل : النذير صفة بمعنى المنذر والمراد به النبي صلىاللهعليهوآله وهو سخيف.
قوله تعالى : « وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ » المراد بالنكير العقوبة وتغيير النعمة أو الإنكار ، والآية كالشاهد يستشهد به على صدق ما في قوله : « فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ » من الوعيد والتهديد.
والمعنى : ولقد كذب الذين من قبلهم من الأمم الهالكة رسلي وجحدوا بربوبيتي فكيف كان عقوبتي وتغييري النعمة عليهم أو كيف كان إنكاري ذلك عليهم حيث أهلكتهم واستأصلتهم.
وفي الآية التفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله : « مِنْ قَبْلِهِمْ » إشعارا بسقوطهم