بقوله : « وَاللهُ
بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ».
قوله
تعالى : « يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ
نَجْواكُمْ صَدَقَةً » إلخ ، أي إذا أردتم أن تناجوا الرسول فتصدقوا قبلها.
وقوله : « ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ
وَأَطْهَرُ » تعليل للتشريع نظير قوله : « وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ » البقرة : ١٨٤ ، ولا شك أن المراد بكونها خيرا لهم وأطهر
أنها خير لنفوسهم وأطهر لقلوبهم ولعل الوجه في ذلك أن الأغنياء منهم كانوا يكثرون
من مناجاة النبي صلىاللهعليهوآله يظهرون بذلك نوعا من التقرب إليه والاختصاص به وكان
الفقراء منهم يحزنون بذلك وينكسر قلوبهم فأمروا أن يتصدقوا بين يدي نجواهم على
فقرائهم بما فيها من ارتباط النفوس وإثارة الرحمة والشفقة والمودة وصلة القلوب
بزوال الغيظ والحنق.
وفي قوله : « ذلِكَ » التفات إلى خطاب النبي صلىاللهعليهوآله بين خطابين للمؤمنين وفيه تجليل لطيف له صلىاللهعليهوآله حيث إن حكم الصدقة مرتبط بنجواه صلىاللهعليهوآله والالتفات إليه فيما يرجع إليه من الكلام مزيد عناية
به.
وقوله : « فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا
فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ » أي فإن لم تجدوا شيئا تتصدقون به فلا يجب عليكم
تقديمها وقد رخص الله لكم في نجواه وعفا عنكم إنه غفور رحيم فقوله : « فَإِنَّ اللهَ
غَفُورٌ رَحِيمٌ » من وضع السبب موضع المسبب.
وفيه دلالة على
رفع الوجوب عن المعدمين كما أنه قرينة على إرادة الوجوب في قوله : « فَقَدِّمُوا » إلخ ، ووجوبه على الموسرين.
قوله
تعالى : « أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ
تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ » إلخ ، الآية ناسخة لحكم الصدقة المذكور في الآية
السابقة ، وفيه عتاب شديد لصحابة النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين حيث إنهم تركوا مناجاته صلىاللهعليهوآله خوفا من بذل المال بالصدقة فلم يناجه أحد منهم إلا علي عليهالسلام فإنه ناجاه عشر نجوات كلما ناجاه قدم بين يدي نجواه
صدقة ثم نزلت الآية ونسخت الحكم.
والإشفاق الخشية ، وقوله : « أَنْ تُقَدِّمُوا » إلخ ، مفعوله والمعنى : أخشيتم التصدق وبذل المال
للنجوى ، واحتمل أن يكون المفعول محذوفا والتقدير أخشيتم الفقر لأجل بذل المال.
قال بعضهم :
جمع الصدقات لما أن الخوف لم يكن في الحقيقة من تقديم صدقة واحدة