أهل الكتاب خيرا كثيرا. قال : وما ذاك؟ قلت : قول الله عز وجل : « الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ـ إلى قوله ـ أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا » قال : فقال : آتاكم الله كما آتاهم ثم تلا : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ـ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ » يعني إماما تأتمون به.
وفي المجمع ، عن سعيد بن جبير : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله جعفرا ـ في سبعين راكبا إلى النجاشي يدعوه ـ فقدم عليه ودعاه فاستجاب له وآمن به ـ فلما كان عند انصرافه ـ قال ناس ممن آمن به من أهل مملكته ـ وهم أربعون رجلا : ائذن لنا فنأتي هذا النبي فنسلم به.
فقدموا مع جعفر فلما رأوا ما بالمسلمين من الخصاصة ـ استأذنوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالوا : يا نبي الله إن لنا أموالا ـ ونحن نرى ما بالمسلمين من الخصاصة ـ فإن أذنت لنا انصرفنا فجئنا بأموالنا ـ فواسينا المسلمين بها فأذن لهم ـ فانصرفوا فأتوا بأموالهم فواسوا بها المسلمين ـ فأنزل الله فيهم : « الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ ـ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ـ إلى قوله ـ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ » فكانت النفقة التي واسوا بها المسلمين.
فلما سمع أهل الكتاب ممن لم يؤمن به قوله : « أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا » فخروا على المسلمين فقالوا : يا معشر المسلمين ـ أما من آمن منا بكتابنا وكتابكم فله أجران ، ومن آمن منا بكتابنا فله أجر كأجوركم ـ فما فضلكم علينا؟ فنزل قوله : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ـ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ » الآية ، فجعل لهم أجرين وزادهم النور والمغفرة ـ ثم قال : « لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ ».
* * *
( سورة المجادلة مدنية ، وهي اثنتان وعشرون آية )
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (١) الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ