وقوله : « هَلِ امْتَلَأْتِ » استفهام تقريري ، وكذا قوله حكاية عنها : « هَلْ مِنْ مَزِيدٍ » ولعل إيراد هذا السؤال والجواب للإشارة إلى أن قهره وعذابه لا يقصر عن الإحاطة بالمجرمين وإيفاء ما يستحقونه من الجزاء قال تعالى : « وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ » التوبة : ٤٩.
واستشكل بأنه مناف لصريح قوله تعالى : « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ » الآية وأجيب بأن الامتلاء قد يراد به أنه لا يخلو شيء من طبقاتها من السكنة كما يقال : البلد ممتلئ بأهله.
على أنه يمكن أن يكون هذا القول منها قبل دخول جميع أهل النار فيها.
وقيل : الاستفهام في قوله : « هَلْ مِنْ مَزِيدٍ » للإنكار والمعنى : لا مزيد أي لا مكان في يزيد على من ألقي في من المجرمين فقد امتلأت فيكون إشارة إلى ما قضى به في قوله : « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ » السجدة : ١٣ ، وقوله : « هَلِ امْتَلَأْتِ » في معنى أن يقال : « حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ » ، وقوله : « هَلْ مِنْ مَزِيدٍ » تقرير وتصديق له.
وربما أيد هذا الوجه قوله تعالى قبل : « ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ » على تقدير أن يراد بالقول قوله تعالى : « لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ».
قوله تعالى : « وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ » شروع في وصف حال المتقين يوم القيامة ، والإزلاف التقريب ، و « غَيْرَ بَعِيدٍ » على ما قيل صفة لظرف محذوف والتقدير في مكان غير بعيد.
والمعنى : وقربت الجنة يومئذ للمتقين حال كونها في مكان غير بعيد أي هي بين أيديهم لا تكلف لهم في دخولها.
قوله تعالى : « هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ » الإشارة إلى ما تقدم من الثواب الموعود ، والأواب من الأوب بمعنى الرجوع ، والمراد كثرة الرجوع إلى الله بالتوبة والطاعة ، والحفيظ هو الذي يدوم على حفظ ما عهد الله إليه من أن يترك فيضيع ، وقوله : « لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ » خبر بعد خبر لهذا أو حال.
قوله تعالى : « مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ » بيان لكل أواب والخشية بالغيب الخوف من عذاب الله حال كونه غائبا غير مرئي له ، والإنابة هو