بتكاليف جديدة يمتثلونها ، والمراد بالسورة المحكمة المبينة التي لا تشابه فيها ، والمراد بذكر القتال الأمر به.
والمراد بالذين في قلوبهم مرض ، الضعفاء الإيمان من المؤمنين دون المنافقين فإن الآية صريحة في أن الذين أظهروا الرغبة في نزولها هم الذين آمنوا ، ولا يعم الذين آمنوا للمنافقين إلا على طريق المساهلة غير اللائقة بكلام الله تعالى فالآية كقوله تعالى في فريق من المؤمنين : « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً » النساء : ٧٧.
والمغشي عليه من الموت هو المحتضر ، يقال : غشيه غشاوة إذا ستره وغطاه وغشي على فلان ـ بالبناء ـ للمفعول ـ إذا نابه ما غشي فهمه ، ونظر المغشي عليه من الموت إشخاصه ببصره إليك من غير أن يطرف.
وقوله : « فَأَوْلى لَهُمْ » لعله خبر لمبتدإ محذوف ، والتقدير : أولى لهم ذلك أي حري بهم أن ينظروا كذلك أي أن يحتضروا فيموتوا ، وعن الأصمعي أن قولهم : « أَوْلى لَكَ » كلمة تهديد معناه وليك وقارنك ما تكره ، والآية نظيرة قوله تعالى : « أَوْلى لَكَ فَأَوْلى ثُمَّ أَوْلى لَكَ فَأَوْلى : القيامة : ٣٥.
ومعنى الآية : ويقول الذين آمنوا هلا أنزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة لا تشابه فيها وأمروا فيها بالقتال والجهاد رأيت الضعفاء الإيمان منهم ينظرون إليك من شدة الخشية نظر المحتضر فأولى لهم ذلك.
قوله تعالى : « طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ » عزم الأمر أي جد وتنجز.
وقوله : « طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ » كأنه خبر لمبتدإ محذوف والتقدير أمرنا ـ أو أمرهم وشأنهم ـ أي إيمانهم بنا طاعة واثقونا عليها وقول معروف غير منكر قالوا لنا وهو إظهار السمع والطاعة كما يحكيه تعالى عنهم بقوله : « آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ـ إلى أن قال ـ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا : البقرة : ٢٨٥.
وعلى هذا يتصل قوله بعده : « فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ » بما قبله اتصالا بينا ، والمعنى : أن الأمر هو ما واثقوا الله عليه من قولهم : ( سَمِعْنا وَأَطَعْنا )