وكون التوراة إماما ورحمة هو كونها بحيث يقتدي بها بنو إسرائيل ويتبعونها في أعمالهم ورحمة للذين آمنوا بها واتبعوها في إصلاح نفوسهم.
قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا » إلى آخر الآية المراد بقولهم ربنا الله إقرارهم وشهادتهم بانحصار الربوبية في الله سبحانه وتوحده فيها ، وباستقامتهم ثباتهم على ما شهدوا به من غير زيغ وانحراف والتزامهم بلوازمه العملية.
وقوله : « فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ » أي ليس قبالهم مكروه محتمل يخافونه من عقاب محتمل ، ولا مكروه محقق يحزنون به من عقاب أو هول ، فالخوف إنما يكون من مكروه ممكن الوقوع ، والحزن من مكروه محقق الوقوع ، والفاء في قوله : « فَلا خَوْفٌ » إلخ ، لتوهم معنى الشرط فإن الكلام في معنى من قال ربنا الله ثم استقام فلا خوف إلخ.
قوله تعالى : « أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ » المراد بصحابة الجنة ملازمتها ، وقوله : « خالِدِينَ فِيها » حال مؤكدة لمعنى الصحابة.
والمعنى : أولئك الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا ملازمون للجنة حال كونهم خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون في الدنيا من الطاعات والقربات.
بحث روائي
في الكافي ، بإسناده عن أبي عبيدة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن قول الله تعالى : « ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ـ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » قال : عنى بالكتاب التوراة والإنجيل « و ( أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ ) » فإنما عنى بذلك علم أوصياء الأنبياء.
وفي الدر المنثور ، أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي صلىاللهعليهوآله « أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ » قال : الخط.
أقول : لعل المراد بالخط كتاب مخطوط موروث من الأنبياء أو العلماء الماضين لكن في بعض ما روي في تفسير قوله : « أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ » أنه حسن الخط وفي بعض آخر أنه جودة الخط وهو أجنبي من سياق الاحتجاج الذي في الآية.