بحث روائي
في المجمع في قوله تعالى : « وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ » وقيل : الكلمة الباقية في عقبه هي الإمامة إلى يوم الدين : عن أبي عبد الله (ع).
أقول : وفي هذا المعنى روايات أخر وقد طبقت الآية في بعضها على الإمامة في عقب الحسين عليهالسلام.
والتأمل في الروايات يعطي أن بناءها على إرجاع الضمير في « جَعَلَها » إلى الهداية المفهومة من قوله : « سَيَهْدِينِ » وقد تقدم في تفسير قوله تعالى : « إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً » إن الإمام وظيفته هداية الناس في ملكوت أعمالهم بمعنى سوقهم إلى الله سبحانه بإرشادهم وإيرادهم درجات القرب من الله سبحانه وإنزال كل ذي عمل منزلة الذي يستدعيه عمله ، وحقيقة الهداية من الله سبحانه وتنسب إليه بالتبع أو بالعرض.
وفعلية الهداية النازلة من الله إلى الناس تشمله أولا ثم تفيض عنه إلى غيره فله أتم الهداية ولغيره ما هي دونها وما ذكره إبراهيم عليهالسلام في قوله : « فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ » هداية مطلقة تقبل الانطباق على أتم مراتب الهداية التي هي حظ الإمام منها فهي الإمامة وجعلها كلمة باقية في عقبه جعل الإمامة كذلك.
وفي الإحتجاج ، عن العسكري عن أبيه عليهالسلام قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة ـ إذ قال له عبد الله بن أمية المخزومي : لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا ـ لبعث أجل من فيما بيننا مالا وأحسنه حالا ـ فهلا نزل هذا القرآن الذي تزعم أن الله أنزله عليك ـ وابتعثك به رسولا ، على رجل من القريتين عظيم : إما الوليد بن المغيرة بمكة ـ وإما عروة بن مسعود الثقفي بالطائف.
ثم ذكر عليهالسلام في كلام طويل ـ جواب رسول الله صلىاللهعليهوآله عن قوله ـ بما في معنى الآيات.
ثم قال : وذلك قوله تعالى : « وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ » قال الله : « أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ » يا محمد « نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » فأحوجنا بعضنا إلى بعض أحوج هذا إلى مال ذلك ـ وأحوج ذلك إلى سلعة هذا وإلى خدمته.
فترى أجل الملوك وأغنى الأغنياء محتاجا ـ إلى أفقر الفقراء في ضرب من الضروب ـ