أهيل ـ فقلت : ائذن لي يا رسول الله إلى المنزل ففعل ـ فقلت للمرأة هل عندك من شيء؟ فقالت : عندي صاع من شعير وعناق (١) فطحنت الشعير فعجنته وذبحت العناق وسلختها وخليت بين المرأة وبين ذلك.
ثم أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآله فجلست عنده ساعة ـ ثم قلت : ائذن لي يا رسول الله ففعل ـ فأتيت المرأة فإذا العجين واللحم قد أمكنا ـ فرجعت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقلت : إن عندنا طعيما لنا ـ فقم يا رسول الله أنت ورجلان من أصحابك فقال : وكم هو؟ فقلت : صاع من شعير وعناق ـ فقال للمسلمين جميعا : قوموا إلى جابر ـ فقاموا فلقيت من الحياء ما لا يعلمه إلا الله ـ فقلت : جاء بالخلق إلى صاع شعير وعناق.
فدخلت على المرأة وقلت قد افتضحت ـ جاءك رسول الله صلىاللهعليهوآله بالخلق أجمعين فقالت : هل كان سألك كم طعامك؟ قلت : نعم. فقالت : الله ورسوله أعلم ـ قد أخبرناه ما عندنا فكشفت عني غما شديدا.
فدخل رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : خذي ودعيني من اللحم ـ فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يثرد ويفرق اللحم ـ ثم يحم هذا ويحم هذا فما زال يقرب إلى الناس ـ حتى شبعوا أجمعين ويعود التنور والقدر أملأ ما كانا.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كلي وأهدي ـ فلم نزل نأكل ونهدي قومنا أجمع ـ أورده البخاري في الصحيح.
قالوا : ولما فرغ رسول الله من الخندق ـ أقبلت قريش حتى نزلت بين الجرف (٢) والغابة في عشرة آلاف من أحابيشهم ـ ومن تابعهم من بني كنانة وأهل تهامة ، وأقبلت غطفان ومن تابعهم من أهل نجد ـ حتى نزلوا إلى جانب أحد ، وخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله والمسلمون ـ حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع (٣) في ثلاثة آلاف من المسلمين ـ فضرب هناك عسكره والخندق بينه وبين القوم ـ وأمر بالذراري والنساء فرفعوا في الآطام (٤).
__________________
(١) الأنثى من أولاد المعز.
(٢) مكان خارج المدينة.
(٣) جبل بالمدينة.
(٤) حصون لأهل المدينة.