لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦) ).
بيان
الآيات تشير إلى حديث الإفك ، وقد روى أهل السنة أن المقذوفة في قصة الإفك هي أم المؤمنين عائشة ، وروت الشيعة أنها مارية القبطية أم إبراهيم التي أهداها مقوقس ملك مصر إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وكل من الحديثين لا يخلو عن شيء على ما سيجيء في البحث الروائي الآتي.
فالأحرى أن نبحث عن متن الآيات في معزل من الروايتين جميعا غير أن من المسلم أن الإفك المذكور فيها كان راجعا إلى بعض أهل النبي صلىاللهعليهوآله إما زوجه وإما أم ولده وربما لوح إليه قوله تعالى : « وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ » وكذا ما يستفاد من الآيات أن الحديث كان قد شاع بينهم وأفاضوا فيه وسائر ما يومئ إليه من الآيات.
والمستفاد من الآيات أنهم رموا بعض أهل النبي صلىاللهعليهوآله بالفحشاء ، وكان الرامون عصبة من القوم فشاع الحديث بين الناس يتلقاه هذا من ذاك ، وكان بعض المنافقين أو الذين في قلوبهم مرض يساعدون على إذاعة الحديث حبا منهم أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا فأنزل الله الآيات ودافع عن نبيه صلىاللهعليهوآله.
قوله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ » إلخ ، الإفك على ما ذكره الراغب الكذب مطلقا والأصل في معناه أنه كل مصروف عن وجهه الذي يحق أن يكون عليه كالاعتقاد المصروف عن الحق إلى الباطل ـ والفعل المصروف عن الجميل إلى القبيح ، والقول المصروف عن الصدق إلى الكذب ، وقد استعمل في كلامه تعالى في جميع هذه المعاني.
وذكر أيضا أن العصبة جماعة متعصبة متعاضدة ، وقيل : إنها عشرة إلى أربعين.
والخطاب في الآية وما يتلوها من الآيات لعامة المؤمنين ممن ظاهره الإيمان أعم من المؤمن بحقيقة الإيمان والمنافق ومن في قلبه مرض ، وأما قول بعضهم : إن المخاطب