( أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ) الشورى : ٤٥ ، والمعنى : ولكونهم ظالمين قضي فيهم بالعذاب فلم يكن عندهم ما ينطقون به ، والوجه السابق أوجه.
وأما تفسير وقوع القول بحلول العذاب ودخول النار فبعيد من السياق لعدم ملاءمته التفريع في قوله : ( فَهُمْ لا يَنْطِقُونَ ).
قوله تعالى : ( أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) لما وصف في الآيات السابقة أن كثيرا من الناس في صمم وعمي من استماع كلمة الحق والنظر في آيات الله والاعتبار بهما ، ثم ذكر دابة الأرض وأنه سيخرجها آية خارقة للعادة تكلمهم ، ثم ذكر أنه سيحشر فوجا من كل أمة من المكذبين فيعاتبهم فتتم عليهم الحجة بقولهم بغير علم بالآيات لإعراضهم عنها وبخهم في هذه الآية ولامهم على تكذيبها بالآيات مع الجهل أنهم كانوا يرون الليل الذي يسكنون فيه بالطبع وأن هناك نهارا مبصرا يظهر لهم بها آيات السماء والأرض فلم لم يتبصروا؟.
وقوله : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) أي في جعل الليل سكنا يسكنون فيه والنهار مبصرا يبصرون فيه آيات السماء والأرض آيات لقوم فيهم خاصة الإذعان والتصديق للحق اللائح لهم.
والمراد بالآيات العلامات والجهات الدالة فيهما على التوحيد وما يتبعه من حقائق المعارف ، ومن جملة ذلك دلالتهما على أن الإنسان عليه أن يسكن فيما من شأنه أن يسكن فيه ، وهو الليل الذي يضرب بحجاب ظلمته على الأبصار ، ويتحرك فيما من شأنه أن يتحرك فيه وهو النهار المبصر الذي يظهر به الأشياء التي تتضمن منافع الحياة للأبصار.
فعلى الإنسان أن يسكت عما حجبته عنه ظلمة الجهل ولا يقول بغير علم ولا يكذب بما لا يحيط به علما وأن يقول ويؤمن بما تجليه له بينات الآيات التي هي كالنهر المبصرة.
قوله تعالى : ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ ) النفخ في الصور كناية عن إعلام الجماعة الكثيرين كالعسكر بما يجب عليهم أن يعملوا به جمعا كالحضور والارتحال وغير ذلك ، والفزع كما قال الراغب انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف وهو من جنس الجزع ، والدخور الذلة والصغار.