إلى عذاب الاستئصال دليل على أن الاجرام والظلم من شأنه أن يؤاخذ عليه وأن العمل إحسانا كان أو إجراما محفوظ على عامله سيحاسب عليه وإذ لم تقع عامة هذا الحساب والجزاء ـ وخاصة على الأعمال الصالحة ـ في الدنيا فذلك لا محالة في نشأة أخرى وهي الدار الآخرة.
فتكون الآية في معنى قوله تعالى : « أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ » ـ ص : ٢٨ ، ويؤيد هذا التقرير قوله : « عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ » ولو كان المراد تهديد مكذبي الرسل وتخويفهم كان الأنسب أن يقال : عاقبة المكذبين ، كما تقدمت الإشارة إليه.
قوله تعالى : « وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ » أي لا يحزنك إصرارهم على الكفر والجحود ولا يضق صدرك من مكرهم لإبطال دعوتك وصدهم الناس عن سبيل الله فإنهم بعين الله وليسوا بمعجزيه وسيجزيهم بأعمالهم.
فالآية مسوقة لتطييب نفس النبي صلىاللهعليهوآله ، وقوله : « وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ » إلخ ، معطوف على ما قبله عطف التفسير.
قوله تعالى : « وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ » الظاهر أن المراد بالوعد الوعد بعذاب المجازاة أعم من الدنيا والآخرة ، والسياق يؤيد ذلك والباقي ظاهر.
قوله تعالى : « قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ » قالوا : إن اللام في « رَدِفَ لَكُمْ » مزيدة للتأكيد ، كالباء في قوله : « وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ » البقرة : ١٩٨ ، والمعنى تبعكم ولحق بكم ، وقيل : إن ردف مضمن معنى فعل يعدي باللام.
والمراد ببعض الذي يستعجلونه هو عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة فإنهم كانوا يستعجلون إنجاز ما وعدهم الله من الحكم الفصل ، وهو ملازم لعذابهم ، وعذابهم في الدنيا بعض العذاب الذي يستعجلونه باستنجاز الوعد ، ولعل مراد الآية به عذاب يوم بدر كما قيل.
قالوا : إن « عسى ولعل » من الله تعالى واجب لأن حقيقة الترجي مبنية على