اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِما يُوحى » طه : ١٣. ويستأنس منه أن المراد بمن حول النار موسى أو هو ممن حول النار ، ومباركته اختياره بعد تقديسه.
وأما المراد بمن في النار فقد قيل : إن معناه من ظهر سلطانه وقدرته في النار فإن التكليم كان من الشجرة ـ على ما في سورة القصص ـ وقد أحاطت بها النار ، وعلى هذا فالمعنى : تبارك من تجلى لك بكلامه من النار وبارك فيك ، ويكون قوله : « وَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعالَمِينَ » تنزيها له سبحانه من أن يكون جسما أو جسمانيا يحيط به المكان أو يجاوره الحدثان لا لتعجيب موسى كما قيل.
وقيل : المراد بمن في النار الملائكة الحاضرون فيها كما أن المراد بمن حولها موسى عليهالسلام
وقيل : المراد به موسى عليهالسلام وبمن حولها الملائكة.
وقيل : في الكلام تقدير والأصل بورك من في المكان الذي فيه النار ـ وهو البقعة المباركة التي كانت فيها الشجرة كما في سورة القصص ـ ومن فيها هو موسى وحولها هي الأرض المقدسة التي هي الشامات ، ومن حولها هم الأنبياء القاطنون فيها من آل إبراهيم وبني إسرائيل.
وقيل : المراد بمن في النار نور الله تعالى وبمن حولها موسى.
وقيل : المراد بمن في النار الشجرة فإنها كانت محاطة بالنار بمن حولها الملائكة المسبحون.
وأكثر هذه الوجوه لا يخلو من تحكم ظاهر.
قوله تعالى : « يا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » تعرف منه تعالى لموسى عليهالسلام ليعلم أن الذي يشافهه بالكلام ربه تعالى فهذه الآية في هذه السورة تحاذي قوله من سورة طه « نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ » إلخ ، فارجع إلى سورة طه وتدبر في الآيات.
قوله تعالى : « وَأَلْقِ عَصاكَ فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ » إلخ ، الاهتزاز التحرك الشديد ، والجان الحية الصغيرة السريعة الحركة ، والإدبار خلاف الإقبال ، والتعقيب الكر بعد الفر من عقب المقاتل إذا كر بعد فراره.