« وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ » إلخ ، لاشتمالها على توحيده في ملكه وتصرفه كما يشتمل قوله : « وَكَفى بِهِ » إلخ على علمه وخبرته وبالحياة والملك والعلم معا يتم معنى الوكالة وسنشير إليه.
قوله تعالى : « الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً » ظاهر السياق أن الموصول صفة لقوله في الآية السابقة : « الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ » وبهذه الآية يتم البيان في قوله : « وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ » فإن الوكالة كما تتوقف على حياة الوكيل تتوقف على العلم ، وقد ذكره في قوله : « وَكَفى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً » وتتوقف على السلطنة على الحكم والتصرف وهو الذي تتضمنه هذه الآية بما فيها من حديث خلق السماوات والأرض والاستواء على العرش.
وقد تقدم تفسير صدر الآية في مواضع من السور السابقة ، وأما قوله : « الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً » فالذي يعطيه السياق ويهدي إليه النظم أن يكون الرحمن خبرا لمبتدإ محذوف والتقدير هو الرحمن ، وقوله : « فَسْئَلْ » متفرعا عليه والفاء للتفريع ، والباء في قوله : « بِهِ » للتعدية مع تضمين السؤال معنى الاعتناء. وقوله : « خَبِيراً » حال من الضمير.
والمعنى : هو الرحمن ـ الذي استوى على عرش الملك والذي برحمته وإفاضته يقوم الخلق والأمر ومنه يبتدئ كل شيء وإليه يرجع ـ فاسأله عن حقيقة الحال يخبرك بها فإنه خبير.
فقوله : « فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً » كناية عن أن الذي أخبر به حقيقة الأمر التي لا معدل عنها وهذا كما يقول من سئل عن أمر : سلني أجبك إن كذا وكذا ومن هذا الباب قولهم : على الخبير سقطت.
ولهم في قوله : « الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً » أقوال أخرى كثيرة : فقيل : إن ( الرَّحْمنُ ) مرفوع على القطع للمدح ، وقيل : مبتدأ خبره قوله : « فَسْئَلْ بِهِ » وقيل : خبر مبتدؤه « الَّذِي » في صدر الآية ، وقيل : بدل من الضمير المستكن في « اسْتَوى ».
وقيل في « فَسْئَلْ بِهِ » إنه خبر للرحمن كما تقدم والفاء فصيحة ، وقيل : جملة