وفيه : في قوله تعالى : « وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً » : حدثني أبي عن الحسن بن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي الورد عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إذا كان يوم القيامة ـ جمع الله الناس في صعيد واحد حفاة عراة ـ فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا ـ وتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما ـ وهو قول الله : « وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً »الحديث.
وفي الكافي ، أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى قال : سألني أبو قرة المحدث أن أدخله إلى أبي الحسن الرضا عليهالسلام ـ فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه ـ فسأله عن الحلال والحرام والأحكام ـ حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد.
فقال أبو قرة : إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بين نبيين ـ فقسم الكلام لموسى ولمحمد الرؤية ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : فمن المبلغ عن الله إلى الثقلين من الجن والإنس ـ « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ » « وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً » « ولَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ »؟ أليس محمد؟ قال بلى. قال : كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا ـ فيخبرهم أنه جاء من عند الله ـ وأنه يدعوهم إلى الله بأمر الله فيقول : « لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ » « وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً » و « لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ » ـ ثم يقول : أنا رأيته بعيني وأحطت به علما ـ وهو على صورة البشر؟ أما تستحيون ، ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا أن يكون يأتي من عند الله بشيء ـ ثم يأتي بخلافه من وجه آخر ، إلى قوله : وقد قال الله : « وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً » فإذا رأته الأبصار ـ فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة.
فقال أبو قرة : فتكذب بالروايات؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ـ ولا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء.
وفي تفسير القمي : في قوله تعالى : « وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ » الآية ، قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله إذا نزل عليه القرآن ـ بادر بقراءته قبل تمام نزول الآية، والمعنى : فأنزل الله « وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ » ـ أي يفرغ من قراءته « وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ».
أقول : وروى هذا المعنى في الدر المنثور ، عن ابن أبي حاتم عن السدي : إلا أن فيه