أما جريانها فيهم فلأن لموسى بما كان إماما في أمته كان له من سنخ هذه الولاية ما لغيره من الأنبياء فعلى أمته أن يهتدوا به ويدخلوا تحت ولايته ، وأما جريانها في غيرهم فلأن الآية عامة غير خاصة بقوم دون قوم فهي تهدي الناس في زمن الرسول صلىاللهعليهوآله إلى ولايته وبعده إلى ولاية الأئمة من أهل بيته عليهالسلام فالولاية سنخ واحد لها معناها إلى أي من نسبت.
إذ عرفت ما تقدم ظهر لك سقوط ما ذكره الآلوسي في تفسير روح المعاني ، فإنه بعد ما نقل رواية مجمع البيان ، السابقة عن أبي جعفر عليهالسلام قال : وأنت تعلم أن ولايتهم وحبهم رضي الله عنهم مما لا كلام عندنا في وجوبه لكن حمل الاهتداء في الآية على ذلك مع كونها حكاية لما خاطب الله تعالى به بني إسرائيل في زمان موسى عليهالسلام مما يستدعي القول بأنه عز وجل أعلم بني إسرائيل بأهل البيت وأوجب عليهم ولايتهم إذ ذاك ولم يثبت ذلك في صحيح الأخبار انتهى موضع الحاجة من كلامه.
والذي أوقعه فيما وقع فيه تفسيره الولاية بمعنى المحبة ثم أخذه الآية خاصة ببني إسرائيل حتى استنتج المعنى الذي ذكره وليست الولاية في آياتها وأخبارها بمعنى المحبة وإنما هي ملك التدبير والتصرف في الأمور الذي من شئونه لزوم الاتباع وافتراض الطاعة وهو الذي يدعيه أئمة أهل البيت لأنفسهم وأما المحبة فهي معنى توسعي للولاية بمعناها الحقيقي ومن لوازمها العادية وهي التي تدل عليه بالمطابقة أدلة مودة ذي القربى من آية أو رواية.
ولولاية أهل البيت عليهالسلام معنى آخر ثالث وهو أن يلي الله أمر عبده فيكون هو المدبر لأموره والمتصرف في شئونه لإخلاصه في العبودية وهذه الولاية هي لله بالأصالة فهو الولي لا ولي غيره وإنما تنسب إلى أهل البيت عليهالسلام لأنهم السابقون الأولون من الأمة في فتح هذا الباب وهي أيضا من التوسع في النسبة كما ينسب الصراط المستقيم في كلامه تعالى إليه بالأصالة وإلى الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بنوع من التوسع.
فتلخص أن الولاية في حديث المجمع ، بمعنى ملك التدبير وأن الآية الكريمة عامة جارية في غير بني إسرائيل كما فيهم وأنه عليهالسلام إنما فسر الاهتداء إلى الولاية من جهة