أراد : ادهَمّ فزاد ميما أخرى ، قال : وقال لى أبو علىّ فى جَدْبَبًا : إنه بنى منه «فَعْلَل» مثل قَرْدد ، ثم زاد الباء الآخرة كزيادة الميم فى (الأضخمَّا) قال : وكما لا حجَّة على أبى عثمان فى قول الراجز : «جَدْبَبّا» كذلك لا حجَّة للنحويين على الأخفش فى قوله : إنه يبنى من ضرب مثل اطمأنَّ فيقول : اضربَبَّ وقولهم هم : اضربَّبَ ، بسكون اللام الأولى بقول الراجز : ادهمما بسكون الميم الأولى لأن له أن يقول : إن هذا إنما جاء لضرورة القافية فزاد على ادهمَّ ـ وقد تراه ساكن الميم الأولى ـ ميما ثالثة لإقامة الوزن ، وكما لا حجَّة لهم عليه فى هذا كذلك لا حجَّة له عليهم أيضا فى قول الآخَر :
إنَّ شكلى وإنّ شكلك شَتَّى |
|
فالزمى الحُصْن واخفضى تَبْيَضِضِّى (١) |
بتسكين اللام الوسطَى ؛ لأن هذا أيضا إنما زاد ضادا وبنى الفعل بنْية اقتضاها الوزن ؛ على أن قوله : «تَبْيضِضِّى» أشبهُ من قوله : ادْهَمَّا ؛ لأن مع الفعل فى «تَبْيَضِضِّى» الياء التى هى ضمير الفاعل ، والضمير الموجود فى اللفظ لا يبنى مع الفعل إلَّا والفعل على أصل بنائه الذى أريد به ، والزيادة لا تكاد تعترِض بينهما ، نحو ضربت وقتلت إلَّا أن تكون الزيادة مصوغة فى نفس المثال غير منفكَّة فى التقدير منه ، نحو سَلْقَيت ، وجَعبيت ، واحرنْبَيت ، وادْلَنْظَيت ، ومن الزيادة للضرورة قول الآخَر :
بات يقاسى ليلهن زَمَّامْ |
|
والفقعسِىُّ حاتم بنُ تمَّام |
مسترعَفاتٍ لصِلِلَّخم سامْ (٢) |
يريد : لصِلَّخْم كعِلَّكْد وهِلَّقْس وشِنَّخْف قال : وأما مَن رواه «جِدَبّا» فلا نظر فى روايته ؛ لأنه الآن «فِعَلّ» كخِدَبّ وهِجَفّ.
* جَدُب المكانُ جُدُوبة ، وجَدَبَ ، وأجدبَ ومكان جَدْب ، وجَدِيب ، ومَجْدوب : كأنه على جُدِب ، وإن لم يستعمَل ، قال سَلَامة بن جَنْدَل :
كنَّا نحُلُّ إذا هبَّت شآميةً |
|
بكلّ واد حَطِيب البَطْن مَجْدُوبِ (٣) |
__________________
=ويروى : *لكن رعين الحزن حيث ادلهمما*.
(١) البيت بلا نسبة فى لسان العرب (جدب) ، (بيض) ، (خفض) ، (حوا) ؛ وتاج العروس (بيض) ؛ وفيه : فالزمي (الخص) مكان (فالزمي الحصن).
(٢) الرجز بلا نسبة فى لسان العرب (جدب) ، (صلخم) ؛ وتهذيب اللغة (٧ / ٦٥٦) ؛ تاج العروس (صلخم).
(٣) البيت لسلامة بن جندل فى ديوانه ص ١١٧ ؛ ولسان العرب (جدب) ، (وظب) ؛ وتاج العروس (جدب) ، (وظب).