يلحق بذلك كالأمر بإيتاء ذي القربى والنهي عن نقض العهد واليمين ، وتذكر أمورا أخرى تناسب ذلك وتثبتها.
قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) ابتدأ سبحانه بهذه الأحكام الثلاثة التي هي بالترتيب أهم ما يقوم به صلب المجتمع الإنساني لما أن صلاح المجتمع العام أهم ما يبتغيه الإسلام في تعاليمه المصلحة فإن أهم الأشياء عند الإنسان في نظر الطبيعة وإن كان هو نفسه الفردية ، لكن سعادة الشخص مبنية على صلاح الظرف الاجتماعي الذي يعيش هو فيه ، وما أصعب أن يفلح فرد في مجتمع فاسد أحاط به الشقاء من كل جانب.
ولذلك اهتم في إصلاح المجتمع اهتماما لا يعادله فيه غيره وبذل الجهد البالغ في جعل الدساتير والتعاليم الدينية حتى العبادات من الصلاة والحج والصوم اجتماعية ما أمكن فيها ذلك ، كل ذلك ليستصلح الإنسان في نفسه ومن جهة ظرف حياته.
فقوله : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ) أمر بالعدل ويقابله الظلم قال في المفردات ، العدالة والمعادلة لفظ يقتضي معنى المساواة ، ويستعمل باعتبار المضايفة ، والعدل ـ بفتح ـ العين والعدل ـ بكسرها يتقاربان لكن العدل ـ بفتح العين ـ يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام ، وعلى ذلك قوله تعالى : ( أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً ) والعدل ـ بكسر العين ـ والعديل فيما يدرك بالحاسة كالموزونات والمعدودات والمكيلات ، فالعدل هو التقسيط على سواء.
قال : والعدل ضربان : مطلق يقتضي العقل حسنه ، ولا يكون في شيء من الأزمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسان إلى من أحسن إليك وكف الأذى عمن كف أذاه عنك ، وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع ويمكن أن يكون منسوخا في بعض الأزمنة كالقصاص وأروش الجنايات وأصل مال المرتد ، ولذلك قال : ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ ) ، وقال : ( وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها ) فسمي اعتداء وسيئة.
وهذا النحو هو المعني بقوله : ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ ) فإن العدل هو المساواة في المكافاة إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، والإحسان أن يقابل الخير بأكثر