وليسا سواء بالنسبة إليه وعلى هذا القياس.
فإن في ذلك غفلة عن معنى عموم القدرة ، وتوضيحه أن القدرة التي فينا قدرة مقيدة ، فإن قدرة الإنسان مثلا على أكل الغذاء وهي أن له نسبة الفاعلية إليه وهي في تأثيرها مشروطة بتحقق غذاء في الخارج وكونه بين يديه وممكن التناول وعدم ما يمنع من ذلك من إنسان أو غيره ، وكون أدوات الفعل كاليد والفم وغيرهما غير مصابة بآفة إلى غير ذلك ، والذي يملكه الإنسان هو الإرادة والزائد على ذلك وسائط وشرائط وموانع خارجة عن قدرته بالحقيقة وقيد يقيدها ، وإذا أراد الإنسان أن يعمل قدرته فيأكل كان عليه أن يهيئ تلك الأمور التي تتقيد بها قدرته في التأثير كتحصيل الغذاء ووضعه قريبا منه ورفع الموانع وإعمال الأدوات البدنية مثلا.
ومن المعلوم أن قلة هذه الأمور وكثرتها وقربها وبعدها وما أشبه ذلك من صفاتها توجب اختلاف الفعل في السهولة وعدمها وضعف القدرة وقوتها فتقيد القدرة هو الموجب للاختلاف.
وأما قدرته تعالى فإنها عين ذاته التي يجب وجودها ويمتنع عدمها ، وإذا كان كذلك فلو تقيدت بقيد من وجود سبب أو شرط أو عدم مانع لانعدمت بانعدام قيدها وهو محال فقدرته تعالى مطلقة غير محدودة بحد ولا مقيدة بقيد ، عامة تتعلق بكل شيء على حد سواء من غير أن يكون شيء بالنسبة إليه أصعب من شيء أو أسهل ، وأقرب إليه من شيء أو أبعد ، وإنما الاختلاف بين الأشياء أنفسها بقياس بعضها إلى بعض.
وبتقريب آخر ما من شيء إلا وهو يفتقر إليه سبحانه في وجوده ، فإذا فرضنا كل أمر موجود بحيث لا يشذ عنها شاذ في جانب ونسبناها إليه تعالى كان الجميع متعلقا لقدرته ، وليس هناك أمر ثالث يكون قيدا لقدرته من سبب أو شرط أو عدم مانع وإلا لكان شريكا في التأثير تعالى عن ذلك.
وأما الذي بين الأشياء أنفسها من الأسباب المتوسطة والشرائط والموانع فإنها توجب تقيد بعضها ببعض لا تقيد القدرة العامة الإلهية التي تتعلق بها ثم تتعلق القدرة بالمقيد منها دون المطلق بمعنى أن متعلق القدرة هو زيد الذي أبوه فلان وأمه فلانة وهو في زمان كذا ومكان كذا وهكذا فوجود زيد بجميع روابطه وجود جميع العالم