عن مخاطبتهم لكفرهم وجحودهم إلى خطاب النبي صلىاللهعليهوآله وهذا ظاهر مشهود في آيات السورة فلا يزال الخطاب فيها
يتقلب بين النبي صلىاللهعليهوآله وبين المشركين فيتحول منه إليهم ومنهم إليه.
قوله
تعالى : ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ
وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ
عِلْمٍ شَيْئاً ) إلخ ، الأرذل اسم تفضيل من الرذالة وهي الرداءة والرذل الدون والرديء ، والمراد بأرذل العمر بقرينة قوله : ( لِكَيْ لا يَعْلَمَ ) إلخ ، سن الشيخوخة والهرم التي فيها انحطاط قوى الشعور
والإدراك ، وهي تختلف باختلاف الأمزجة وتبتدئ على الأغلب من الخمس والسبعين.
والمعنى :
والله خلقكم معشر الناس ثم يتوفاكم في عمر متوسط ومنكم من يرد إلى سن الهرم فينتهي
إلى أن لا يعلم بعد علم شيئا لضعف القوى ، وهذا آية أن حياتكم وموتكم وكذا شعوركم
وعلمكم ليست بأيديكم وإلا اخترتم البقاء على الوفاة والعلم على عدمه بل ذلك على ما
له من عجيب النظام منته إلى علمه وقدرته تعالى ، ولهذا علله بقوله : ( إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ).
قوله
تعالى : ( وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي
الرِّزْقِ ) إلى آخر الآية ، فضل بعض الناس على بعض في الرزق وهو ما
تبقى به الحياة ربما كان من جهة الكمية كالغني المفضل بالمال الكثير على الفقير ،
وربما كان من جهة الكيفية كأن يستقل بالتصرف فيه بعضهم ويتولى أمر الآخرين مثل ما
يستقل المولى الحر بملك ما في يده والتصرف فيه بخلاف عبده الذي ليس له أن يتصرف في
شيء إلا بإذنه وكذا الأولاد الصغار بالنسبة إلى وليهم والأنعام والمواشي بالنسبة
إلى مالكها.
وقوله : ( فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي
رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ) قرينة على أن المراد هو القسم الثاني من التفضيل وهو أن
بعضهم فضل بالحرية والاستقلال بملك ما رزق وليس يختار أن يرد ما رزق باستقلاله وحريته
إلى من يملكه ويملك رزقه ، ولا أن يبذل له ما أوتيه من نعمة حتى يتساويا ويتشاركا
فيبطل ملكه ويذهب سودده.
فهذه نعمة
ليسوا بمغمضين عنها ولا برادين لها على غيرهم ، وليست إلا من الله سبحانه فإن أمر
المولوية والرقية وإن كان من الشئون الاجتماعية التي ظهرت عن آراء