قوله تعالى : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) قال الراغب في المفردات : السطر والسطر ـ بفتح فسكون أو بفتحتين ـ السطر من الكتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف ـ إلى أن قال ـ وجمع السطر أسطر وسطور وأسطار.
قال : وأما قوله : ( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) فقد قال المبرد : هي جمع أسطورة نحو أرجوحة وأراجيح وأثفية وأثافي وأحدوثة وأحاديث ، وقوله تعالى : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) أي شيء كتبوه كذبا ومينا فيما زعموا نحو قوله تعالى : ( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ) انتهى وقال غيره : أساطير جمع أسطار وأسطار جمع سطر فهو جمع الجمع.
وقوله : ( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) يمكن أن يكون القائل بعض المؤمنين وإنما قاله اختبارا لحالهم واستفهاما لما يرونه في الدعوة النبوية ، ويمكن أن يكون من المشركين وإنما قاله لهم ليقلدهم فيما يرونه ، وعبر عن القرآن بمثل قوله : ( ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) لنوع من التهكم والاستهزاء ، ويمكن أن يكون شاكا متحيرا باحثا ، والآية التالية وكذا قوله فيما سيأتي : ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) يؤيد أحد الوجهين الأخيرين.
وقوله : ( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) أي الذي يسأل عنه أكاذيب خرافية كتبها الأولون وأثبتوها وتركوها لمن خلفهم ، ولازم هذا القول دعوى أنه ليس نازلا من عند الله سبحانه.
قوله تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) إلى آخر الآية. قال في المفردات : الوزر ـ بفتحتين ـ الملجأ الذي يلتجأ إليه من الجبل ، قال تعالى : ( كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ ) والوزر بالكسر فالسكون ـ الثقل تشبيها بوزر الجبل ، ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل ، قال تعالى : ( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً ) الآية كقوله : ( وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ ).
قال : وحمل وزر الغير بالحقيقة هو على نحو ما أشار إليه صلىاللهعليهوآله بقوله : « من سن سنة حسنة كان له أجرها ـ وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجره شيء ، ومن