الآيات التي توبخ الإنسان وتقرعه على وقاحته في خصامه في ربه كقوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ، وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) : يس : ٧٨ ترجح أن يكون المراد بذيل الآية بيان وقاحة الإنسان.
ويؤيد ذلك أيضا بعض التأييد ما في ذيل الآية السابقة من تنزيهه تعالى من شركهم.
قوله تعالى : ( وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) الأنعام جمع نعم وهي الإبل والبقر والغنم سميت بذلك لنعمة مسها بخلاف الحافر الذي يصلب كذا في المجمع ، وفي المفردات : الدفء خلاف البرد. انتهى. وكأن المراد بالدفء ما يحصل من جلودها وأصوافها وأوبارها من الحرارة للاتقاء من البرد ، أو المراد بالدفء ما يدفأ به.
والمراد بالمنافع سائر ما يستفاد منها لغير الدفء من أصوافها وأوبارها وجلودها وألبانها وشحومها وغير ذلك ، وقوله : ( لَكُمْ ) يمكن أن يكون متعلقا بقوله : ( خَلَقَها ) ويكون قوله : ( فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ ) حالا من ضمير ( خَلَقَها ) ويمكن أن يكون ( لَكُمْ ) ظرفا مستقرا متعلقا بالجملة الثانية أي في الأنعام دفء كائنا لكم.
قوله تعالى : ( وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ) الجمال الزينة وحسن المنظر ، قال في المجمع : الإراحة رد الماشية بالعشي من مراعيها إلى منازلها والمكان الذي تراح فيه مراح ، والسروح خروج الماشية إلى المرعى بالغداة ، يقال : سرحت الماشية سرحا وسروحا وسرحها أهلها. انتهى.
يقول تعالى : ولكم في الأنعام منظر حسن حين تردونها بالعشي إلى منازلها وحين تخرجونها بالغداة إلى مراعيها.
قوله تعالى : ( وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) الأثقال جمع ثقل وهو المتاع الذي يثقل حمله والمراد بقوله : ( بِشِقِّ الْأَنْفُسِ ) مشقة تتحملها الأنفس في قطع المسافات البعيدة والمسالك الصعبة.
والمراد أن الأنعام كالإبل وبعض البقر تحمل أمتعتكم الثقيلة إلى بلد ليس يتيسر