بولاية الأمور العامة أو المودة التي تقضي إلى المخالطة والتأثير في شئون المجتمع أو الفرد الحيوية.
وبالجملة الاقتراب في أمر الدين أو الحياة الدينية من الذين ظلموا بنوع من الاعتماد والاتكاء يخرج الدين أو الحياة الدينية عن الاستقلال في التأثير ويغيرهما عن الوجهة الخالصة ، ولازم ذلك السلوك إلى الحق من طريق الباطل أو إحياء حق بإحياء باطل وبالآخرة إماتة الحق لإحيائه.
والدليل على هذا الذي ذكرنا أنه تعالى جمع في خطابه في هذه الآية الذي هو من تتمة الخطاب في الآية السابقة بين النبي صلىاللهعليهوآله وبين المؤمنين من أمته ، والشئون التي له ولأمته هي المعارف الدينية والأخلاق والسنن الإسلامية في تبليغها وحفظها وإجرائها والحياة الاجتماعية بما يطابقها ، وولاية أمور المجتمع الإسلامي ، وانتحال الفرد بالدين واستنانه بسنة الحياة الدينية فليس للنبي صلىاللهعليهوآله ولا لأمته أن يركنوا في شيء من ذلك إلى الذين ظلموا.
على أن من المعلوم أن هاتين الآيتين كالنتيجة المأخوذة من قصص القرى الظالمة التي أخذهم الله بظلمهم وهما متفرعتان عليها ناظرتان إليها ، ولم يكن ظلم هؤلاء الأمم الهالكة في شركهم بالله تعالى وعبادة الأصنام فحسب بل كان مما ذمه الله من فعالهم اتباع الظالمين والفساد في الأرض بعد إصلاحها وهو الاستنان بالسنن الظالمة التي يقيمها الولاة الجائرون ، ويستن بها الناس وهم بذلك ظالمون.
ومن المعلوم أيضا من السياق أن الآيتين مترتبتان في غرضهما فالأولى تنهى عن أن يكونوا من أولئك الذين ظلموا ، والثانية تنهى أن يقتربوا منهم ويميلوا إليهم ويعتمدوا (١) في حقهم على باطلهم فقوله : « لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا » نهي عن الميل إليهم والاعتماد عليهم والبناء على باطلهم في أمر أصل الدين والحياة الدينية جميعا.
ووقوع الآيتين موقع النتيجة المتفرعة على ما تقدم من القصص المذكورة يفيد أن المراد بالذين ظلموا في الآية ليس من تحقق منه الظلم تحققا ما وإلا لعم جميع الناس إلا
__________________
(١) أي أن يتوسلوا في إجراء الحق بين أنفسهم بالوسيلة الباطلة التي عند أعداء الدين من الظالمين.