بأهلك بقطع من الليل. وقال له جبرئيل : إنا بعثنا في إهلاكهم فقال : يا جبرئيل عجل فقال : إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ـ.
فأمره يتحمل ومن معه إلا امرأته ـ ثم اقتلعها يعني المدينة جبرئيل بجناحه من سبع أرضين ـ ثم رفعها حتى سمع أهل السماء الدنيا نياح الكلاب ـ وصراخ الديوك ثم قلبها وأمطر عليها ـ وعلى من حول المدينة بحجارة من سجيل.
أقول : وما اشتمل عليه آخر الرواية من اقتلاعها من سبع أرضين ثم رفعها إلى حيث سمع أهل السماء الدنيا نياح كلابهم وصراخ ديوكهم أمر خارق للعادة ، وهو وإن كان لا يستبعد من قدرة الله سبحانه لكنه مما لا يكفي في ثبوته أمثال هذه الرواية وهي من الآحاد.
على أن السنة الإلهية جارية على أن تقتفي في الكرامات والمعجزات الحكمة وأي حكمة في رفعهم إلى هذا الحد ولا أثر له في عذابهم ولا في تشديده؟
وقول بعض أهل الكلام : من الجائز أن يكون هذا الفعال العجيب الخارق للعادة لطفا من الله ليكون الإخبار بذلك من طريق المعصومين مقربا للمؤمنين إلى الطاعة مبعدا لهم من المعصية كلام مدخول فإن خلق الأمور العظيمة المعجبة والحوادث الخارقة للعادة ليتأكد بها إيمان المؤمنين ويعتبر بها المعتبرون وإن كان لا يخلو من لطف إلا أنه إنما يكون لطفا فيما كان بلوغه لهم من طريق الحس أو أي طريق علمي آخر ، وأما رواية واحدة أو ضعيفة وهي خالية عن الحجية لا يعبأ بها فلا معنى لإيجاد الأمور الخارقة والحوادث العجيبة لأجل حصول اعتبار أو مخافة من طريقها ، ولا وجه لتشديد عذاب قوم ليعتبر به قوم آخرون إلا في سنة الجهال من طغاة البشر وجبابرتهم.
قال صاحب المنار في تفسيره : وفي خرافات المفسرين المروية عن الإسرائيليات أن جبرئيل قلعها من تخوم الأرض بجناحه وصعد بها إلى عنان السماء حتى سمع أهل السماء أصوات الكلاب والدجاج فيها ثم قلبها قلبا مستويا فجعل عاليها سافلها.
وهذا تصور مبني على اعتقاد متصوره إن الأجرام السماوية المأهولة بالسكان مما يمكن أن يقرب منهم سكان الأرض وما فيها من الحيوان ويبقون أحياء. وقد ثبت بالمشاهدة والاختبار الفعلي في هذه الأيام التي يكتب هذا فيها أن الطيارات