كثير التأثر من ضلال الناس وحلول الهلاك بهم مراجعا إلى الله في نجاتهم. لا أنه عليهالسلام كان يكره عذاب الظالمين وينتصر لهم بما هم ظالمون وحاشاه عن ذلك.
قوله تعالى : « يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ » هذا حكاية قول الملائكة لإبراهيم عليهالسلام وبذلك قطعوا عليه جداله فانقطع حيث علم أن الإلحاح في صرف العذاب عنهم لن يثمر ثمرا فإن القضاء حتم والعذاب واقع لا محالة. فقولهم : « يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا » أي انصرف عن هذا الجدال ولا تطمع في نجاتهم فإنه طمع فيما لا مطمع فيه.
وقولهم : « إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ » أي بلغ أمره مبلغا لا يدفع بدافع ولا يتبدل بمبدل ويؤيده قوله في الجملة التالية : « وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ » فإن ظاهره المستقبل ولو كان الأمر صادرا لم يتخلف القضاء عن المقضي البتة ويؤيده أيضا قوله في ما سيأتي من آيات قصة قوم لوط : « فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها » إلخ ، آية ـ ٨٢ من السورة.
وقولهم : « وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ » أي غير مدفوع عنهم بدافع فلله الحكم لا معقب لحكمه ، والجملة بيان لما أمر به جيء بها تأكيدا للجملة السابقة والمقام مقام التأكيد ، ولذلك جيء في الجملة الأولى بضمير الشأن وقد المفيد للتحقيق ، وصدرت الجملتان معا بأن ، وأضافوا الأمر إلى رب إبراهيم عليهالسلام دون أمر الله ليعينهم ذلك على انقطاعه عن الجدال.
( بحث روائي )
في الكافي ، بإسناده عن أبي يزيد الحمار عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : إن الله بعث أربعة أملاك في إهلاك قوم لوط : جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكروبيل ـ فمروا بإبراهيم فسلموا عليه وهم معتمون فلم يعرفهم ، ورأى هيئة حسنة فقال : لا يخدم هؤلاء إلا أنا بنفسي ـ وكان صاحب ضيافة فشوى لهم عجلا سمينا ـ حتى أنضجه فقربه إليهم فلما وضع بين أيديهم ـ رأى أيديهم لا تصل إليه فنكرهم ـ وأوجس منهم خيفة فلما رأى ذلك جبرئيل ـ حسر العمامة عن وجهه فعرفه إبراهيم فقال : أنت هو؟