فقد نقل عنهم « برهوشع » و « يوسيفوس » أن « زيزستروس » رأى في الحلم بعد موت والده « أوتيرت » أن المياه ستطغى وتغرق جميع البشر ، وأمره ببناء سفينة يعتصم فيها هو وأهل بيته وخاصة أصدقائه ففعل. وهو يوافق سفر التكوين في أنه كان في الأرض جيل من الجبارين طغوا فيها وأكثروا الفساد فعاقبهم الله بالطوفان.
وقد عثر بعض الإنجليز على ألواح من الأجر نقشت فيها هذه الرواية بالحروف المسمارية في عصر آشور بانيبال من نحو ستمائة وستين سنة قبل ميلاد المسيح ، وأنها منقولة من كتابة قديمة من القرن السابع عشر قبل المسيح أو قبله فهي أقدم من سفر التكوين.
وروى اليونان خبرا عن الطوفان أورده أفلاطون وهو أن كهنة المصريين قالوا لسولون ـ الحكيم اليوناني ـ إن السماء أرسلت طوفانا غير وجه الأرض فهلك البشر مرارا بطرق مختلفة فلم يبق للجيل الجديد شيء من آثار من قبله ومعارفهم.
وأورد « مانيتون » خبر طوفان حدث بعد هرمس الأول الذي كان بعد ميناس الأول ، وهذا أقدم من تاريخ التوراة أيضا ، وروي عن قدماء اليونان خبر طوفان عم الأرض كلها إلا « دوكاليون » وامرأته « بيرا » فقد نجوا منه.
وروي عن قدماء الفرس طوفان أغرق الله به الأرض بما انتشر فيها من الفساد والشرور بفعل أهريمن إله الشر ، وقالوا : إن هذا الطوفان فار أولا من تنور العجوز ( زول كوفه ) إذ كانت تخبز خبزها فيه ، ولكن المجوس أنكروا عموم الطوفان وقالوا : إنه كان خاصا بإقليم العراق وانتهى إلى حدود كردستان.
وكذا قدماء الهنود يثبتون وقوع الطوفان سبع مرات في شكل خرافي آخرها أن ملكهم نجا هو وامرأته في سفينة عظيمة أمره بصنعها إلهه فشنو وسدها بالدسر حتى استوت على جبل جيمافات ـ هملايا ـ ولكن البراهمة كالمجوس ينكرون وقوع طوفان عام أغرق الهند كلها ، وروي تعدد الطوفان عن اليابان والصين وعن البرازيل والمكسيك وغيرهما ، وكل هذه الروايات تتفق في أن سبب ذلك عقاب الله للبشر بظلمهم وشرورهم. انتهى.