إلخ بالخطاب ، والدليل عليه قوله : « عَلَيْكُمْ » وما تقدم في الآيتين من الخطابات المتعددة فلا يصغي إلى قول من يأخذ قوله : « تَوَلَّوْا » جمعا مذكرا غائبا من الفعل الماضي فإنه ظاهر الفساد.
وقد أغرب بعض المفسرين حيث قال في قوله تعالى : « يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى » : والآية تتضمن نجاة هذه الأمة المحمدية من عذاب الاستئصال كما بيناه في تفسير سورة يونس أيضا انتهى ، ولست أدري كيف استفاد من الآية ما ذكره ولعله بنى ذلك على أن الآية اشترطت للأمة الحياة الحسنة من غير استئصال إن آمنوا بالله وآياته ثم إنهم آمنوا وانتشر الإسلام في الدنيا ، لكن من المعلوم أن الرسول صلىاللهعليهوآله مرسل إلى أهل الدنيا عامة ولم يؤمن به عامتهم ، ولا أن المؤمنين به أخلصوا جميعا إيمانهم من النفاق وسرى الإيمان من ظاهرهم إلى باطنهم ومن لسانهم إلى جنانهم.
ولو كان مجرد إيمان بعض الأمة مع كفر الآخرين كافيا في تحقق الشرط وارتفاع عذاب الاستئصال لكفى في أمة نوح وهود عليهالسلام وغيرهما وقد دعوا أممهم إلى ما دعا إليه محمد صلىاللهعليهوآله ، واشترطوا لهم مثل ما اشترط لأمته ثم عمهم الله بعذاب الاستئصال وكان حقا عليه نصر المؤمنين.
وقد حكى الله سبحانه عن نوح قوله لقومه في ضمن دعوته : « اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً » نوح : ـ ١٢ وحكى عن هود قوله : « وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ » هود : ـ ٥٢ ، وحكى جملة عن نوح وهود وصالح والذين من بعدهم قولهم : « أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى » إبراهيم : ـ ١٠.
وأما قوله : « وقد بيناه في سورة يونس أيضا » فلم يأت هناك إلا بدعوى خالية وقد قدمنا هناك أن آيات سورة يونس صريحة في أن الله سيقضي بين هذه الأمة بين نبيها صلىاللهعليهوآله فيعذبهم وينجي المؤمنين سنة الله التي قد خلت في عباده