وهذا نقيب تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس : فمن الخزرج أسعد بن زرارة والبراء بن معرور ـ وعبد الله بن حرام أبو جابر بن عبد الله ـ ورافع بن مالك وسعد بن عبادة والمنذر بن عمر ـ وعبد الله بن رواحة وسعد بن ربيع ـ وعبادة بن صامت ومن الأوس أبو الهيثم بن التيهان وهو من اليمن ـ وأسيد بن حصين وسعد بن خيثمة.
فلما اجتمعوا وبايعوا لرسول الله صلىاللهعليهوآله صاح إبليس : يا معشر قريش والعرب ـ هذا محمد والصباة من أهل يثرب ـ على جمرة العقبة يبايعونه على حربكم ـ فأسمع أهل منى ، وهاجت قريش فأقبلوا بالسلاح ، وسمع رسول الله صلىاللهعليهوآله النداء فقال للأنصار : تفرقوا فقالوا : يا رسول الله ـ إن أمرتنا أن نميل عليهم بأسيافنا فعلنا. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لم أومر بذلك ـ ولم يأذن الله لي في محاربتهم. قالوا : فتخرج معنا؟ قال : أنتظر أمر الله ـ.
فجاءت قريش على بكرة أبيها قد أخذوا السلاح ـ وخرج حمزة وأمير المؤمنين عليهالسلام بالسلاح ـ ومعهما السيوف فوقفا على العقبة ـ فلما نظرت قريش إليهما ـ قالوا : ما هذا الذي اجتمعتم له؟ فقال حمزة : ما اجتمعنا وما هاهنا أحد ـ والله لا يجوز هذه العقبة أحد إلا ضربته بسيفي ـ.
فرجعوا إلى مكة وقالوا : لا نأمن أن يفسد أمرنا ـ ويدخل واحد من مشائخ قريش في دين محمد ـ فاجتمعوا في دار الندوة ، وكان لا يدخل دار الندوة إلا من أتى عليه أربعون سنة ـ فدخلوا أربعين رجلا من مشائخ قريش ، وجاء إبليس في صورة شيخ كبير ـ فقال له البواب ، من أنت؟ فقال : أنا شيخ من أهل نجد ـ لا يعدمكم مني رأي صائب ـ إني حيث بلغني اجتماعكم في أمر هذا الرجل ـ جئت لأشير عليكم ـ فقال : ادخل فدخل إبليس ـ.
فلما أخذوا مجلسهم قال أبو جهل : يا معشر قريش إنه لم يكن أحد من العرب أعز منا ـ نحن أهل الله ـ تفد إلينا العرب في السنة مرتين ويكرموننا ، ونحن في حرم الله لا يطمع فينا طامع ـ فلم نزل كذلك حتى نشأ فينا محمد بن عبد الله ـ فكنا نسميه الأمين لصلاحه وسكونه وصدق لهجته ـ حتى إذا بلغ ما بلغ وأكرمناه ادعى أنه رسول الله ـ وأن أخبار السماء تأتيه فسفه أحلامنا ، وسب آلهتنا ، وأفسد شباننا ، وفرق جماعتنا ، وزعم أنه من مات من أسلافنا ففي النار ، ولم يرد علينا شيء أعظم من