آية رخصة الضعف لغت آية الأنفال وبقيت بلا مصداق كما أن التأول في قوله تعالى : « أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ » على حسب ما تقتضيه رواية ابن عمر يوجب إلغاء الآية كما ذكره صاحب المنار فقد تلخص أن لا مناص عن إبقاء الآية على ظاهر إطلاقها.
وفي تفسير العياشي ، عن موسى بن جعفر عليهالسلام : في الآية : « إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ » قال متطردا يريد الكرة عليهم « أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ » يعني متأخرا إلى أصحابه من غير هزيمة ، من انهزم حتى يجوز صف أصحابه فقد باء بغضب من الله.
أقول : تشير الرواية إلى نكتة مهمة في لفظ الآية ، وهي أن النهي إنما تعلقت في الآية على تولي الأدبار وهي أعم من الانهزام فإذا استثني الموردان أعني التحرف لقتال والتحيز إلى فئة وهي غير موارد الفرار عن هزيمة ، بقيت موارد الهزيمة تحت النهي فكل انهزام عن أعداء الدين إذا لم يجوزوا الضعف عددا حرام محرم.
وفي تفسير البرهان ، عن ابن شهرآشوب عن الثعلبي عن ضحاك عن عكرمة عن ابن عباس : في قوله تعالى : « وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ » أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لعلي : ناولني كفا من حصى ـ وناوله ورمى به في وجوه قريش ـ فما بقي أحد إلا امتلأت عيناه من الحصى :
أقول : ورواه في الدر المنثور ، عن الطبراني وأبي الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس وروى العياشي في تفسيره حديث المناولة عن محمد بن كليب الأسدي عن أبيه عن الصادق عليهالسلام وفي خبر آخر عن علي عليهالسلام.
وفي الدر المنثور ، أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس ومحمد بن كعب رضي الله عنهما قالا : لما دنا القوم بعضهم من بعض ـ أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله قبضة من تراب ـ فرمى بها في وجوه القوم ، وقال : شاهت الوجوه ـ فدخلت في أعينهم كلهم ، وأقبل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله يقتلونهم ، وكانت هزيمتهم في رمية رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فأنزل الله : « وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ـ إلى قوله ـ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ».
أقول : والمراد بنزول الآية نزولها بعد ذلك وهي تقص القصة لا نزولها وقتئذ ، وهو شائع في أسباب النزول. وقد ذكر ابن هشام في سيرته : أن النبي صلىاللهعليهوآله رماهم بالتراب ثم أمر أصحابه بالكرة فكانت الهزيمة.