بالطعام ولا يكلمونهم ـ فقال بعضهم لبعض : قد هجرنا الناس ـ ولا يكلمنا أحد منهم فهلا نتهاجر نحن أيضا؟ فتفرقوا ولم يجتمع منهم اثنان ، وبقوا على ذلك خمسين يوما يتضرعون إلى الله تعالى ويتوبون إليه ، فقبل الله تعالى توبتهم وأنزل فيهم هذه الآية.
أقول : وقد تقدمت القصة في حديث طويل نقلناه من تفسير القمي في الآية ٤٦ من السورة ، ورويت القصة بطرق كثيرة.
وفي تفسير البرهان ، عن ابن شهرآشوب من تفسير أبي يوسف بن يعقوب بن سفيان حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال : « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ » قال : أمر الله الصحابة أن يخافوا الله. ثم قال : « وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » يعني مع محمد وأهل بيته عليهالسلام.
أقول : وفي هذا المعنى روايات كثيرة عن أئمة أهل البيت (ع) وقد روي في الدر المنثور ، عن ابن مردويه عن ابن عباس ، وأيضا عن ابن عساكر عن أبي جعفر : في قوله : « وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ » قالا : مع علي بن أبي طالب.
وفي الكافي ، بإسناده عن يعقوب بن شعيب قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ـ إذا حدث على الإمام حدث كيف يصنع الناس؟ قال : أين قول الله عز وجل : « فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ـ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » قال : هم في عذر ما داموا في الطلب ، وهؤلاء الذين ينتظرونهم في عذر حتى يرجع إليهم أصحابهم.
أقول : وفي هذا المعنى روايات كثيرة عن الأئمة عليهمالسلام ، وهو مما يدل على أن المراد بالتفقه في الآية أعم من تعلم الفقه بالمعنى المصطلح عليه اليوم.
واعلم أن هناك أقوالا أخرى في أسباب نزول بعض الآيات السابقة تركناها لظهور ضعفها ووهنها.
وَإِذا ما أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزادَتْهُمْ إِيماناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (١٢٤) وَأَمَّا الَّذِينَ