« إلخ » والحذر فيه شيء من معنى الاحتراز والاتقاء ، ولا يتم ذلك إلا بالتوسل إلى أسباب ووسائل تحفظ الحاذر مما يحذره ويحترز منه ، وتصونه من شر مقبل إليه من ناحية ما يخافه.
ولو كان مجرد شك من غير مشاهدة أثر من الآثار وإصابة شيء مما يتقونه إياهم لما صح الاحتراز والاتقاء ، فحذرهم يشهد أنهم كانوا يخافون أن يقع بهم هذه المرة نظير ما وقع بهم قبل ذلك من جهة آيات البقرة وغيرها ، فهذا هو الوجه لحذرهم دون الشك والارتياب فالمعتمد في الجواب ما قدمناه.
وقد يجاب عن الإشكال الثاني بأن « على » في قوله : « أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ » بمعنى : في كما في قوله : « وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ » البقرة : ـ ١٠٢ ، والمعنى : يحذر المنافقون أن تنزل فيهم أي في شأنهم وبيان حالهم سورة تكشف عما في ضمائرهم.
وفيه أنه لا بأس به لو لا قوله بعده : « تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ » على ما سنوضحه.
وقد يجاب عنه بأن الضمير في قوله : « عَلَيْهِمْ » راجع إلى المؤمنين دون المنافقين والمعنى : يحذر المنافقون أن تنزل على المؤمنين سورة تنبئ المنافقين بما في قلوب المنافقين أو تنبئ المؤمنين بما في قلوب المنافقين.
ورد عليه بأنه يستلزم تفكيك الضمائر. ودفع بأن تفكيك الضمائر غير ممنوع ولا أنه مناف للبلاغة إلا إذا كان المعنى معه غير مفهوم ، وربما أيد بعضهم هذا الجواب بأنه ليس هاهنا تفكيك للضمائر فإنه قد سبق أن المنافقين يحلفون للمؤمنين ليرضوهم ثم وبخهم الله بأن الله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين فقد بين هاهنا بطريقة الاستئناف أنهم يحذرون أن تنزل على المؤمنين سورة تنبئهم بما في قلوبهم فتبطل ثقتهم بهم فأعيد الضمير إلى المؤمنين لأن سياق الكلام فيهم فلا أثر من التفكيك.
وفيه أن من الواضح الذي لا يرتاب فيه أن موضوع الكلام في هذه الآيات وآيات كثيرة مما يتصل بها من قبل ومن بعد ، هم المنافقون ، والسياق سياق الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله لا غيره ، وإنما كان خطاب المؤمنين في قوله : « ( يَحْلِفُونَ بِاللهِ ) لكم ليرضوكم خطابا التفاتيا للتنبيه على غرض خاص أومأنا إليه ثم عاد الكلام إلى سياقها الأصلي