من كون إذنه صلىاللهعليهوآله لهم في القعود من قبيل ترك الأولى فإنه لا يستقيم معه كون الآية من قبيل « إياك أعني واسمعي يا جارة ».
وفي الدر المنثور ، أخرج عبد الرزاق في المصنف ؛ وابن جرير ، عن عمرو بن ميمون الأودي قال : اثنتان فعلهما رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين ، وأخذه من الأسارى ـ فأنزل الله : « عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ » الآية.
أقول : وقد تقدم الكلام على مضمون الرواية.
وفي تفسير القمي ، : في قوله تعالى : « وَلَوْ أَرادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً » الآية ـ وما بعدها قال : وتخلف عن رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل نيات ـ وبصائر لم يكن يلحقهم شك ولا ارتياب ـ ولكنهم قالوا : نلحق برسول الله صلىاللهعليهوآله ـ.
منهم أبو خيثمة وكان قويا وكان له زوجتان وعريشان ، وكانتا زوجتاه قد رشتا عريشتيه ، وبردتا له الماء ، وهيأتا له طعاما فأشرف على عريشتيه ـ فلما نظر إليهما قال : لا والله ما هذا بإنصاف ، رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ـ قد خرج في الفيح والريح ، وقد حمل السلاح يجاهد في سبيل الله ، وأبو خيثمة قوي قاعد في عريشه وامرأتين حسناوين ـ لا والله ما هذا بإنصاف ـ.
ثم أخذ ناقته فشد عليها رحله ولحق برسول الله صلىاللهعليهوآله ـ فنظر الناس إلى راكب على الطريق ـ فأخبروا رسول الله صلىاللهعليهوآله بذلك ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كن أبا خيثمة فأقبل ، وأخبر النبي بما كان منه فجزاه خيرا ودعا له ـ.
وكان أبو ذر تخلف عن رسول الله ثلاثة أيام ـ وذلك أن جمله كان أعجف ، فلحق بعد ثلاثة أيام به ووقف عليه جمله في بعض الطريق ـ فتركه وحمل ثيابه على ظهره فلما ارتفع النهار نظر المسلمون إلى شخص مقبل ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : كن أبا ذر فقالوا : هو أبو ذر فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أدركوه فإنه عطشان فأدركوه بالماء ـ.
ووافى أبو ذر رسول الله صلىاللهعليهوآله ومعه إداوة فيها ماء ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا ذر معك ماء وعطشت؟ قال : نعم يا رسول الله ـ بأبي أنت وأمي انتهيت إلى صخرة عليها ماء السماء فذقته ـ فإذا هو عذب بارد فقلت : لا أشربه حتى يشرب رسول الله ـ.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا ذر رحمك الله ، تعيش وحدك ، وتموت وحدك ،