والمسور بن مخرمة قال : كان في صلح رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم الحديبية بينه وبين قريش ـ أن من شاء أن يدخل في عقد النبي صلىاللهعليهوآله وعهده دخل فيه ، ومن شاء أن يدخل في عهد قريش وعقدهم دخل فيه ـ فتواثبت خزاعة فقالوا : ـ ندخل في عهد محمد وعقده. وتواثبت بنو بكر فقالوا : ندخل في عقد قريش وعهدهم ـ فمكثوا في تلك الهدنة ـ نحو السبعة عشر أو الثمانية عشر شهرا.
ثم إن بني بكر الذين كانوا دخلوا في عقد قريش وعهدهم ـ وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلىاللهعليهوآله وعهده ـ ليلا بماء لهم يقال له : الوتير قريب من مكة ـ فقالت قريش ما يعلم بنا محمد وهذا الليل ـ وما يرانا أحد فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح ـ فقاتلوهم معهم للضغن على رسول الله ص.
وركب عمرو بن سالم ـ عند ما كان من أمر خزاعة وبني بكر بالوتير ـ حتى قدم المدينة على رسول الله صلىاللهعليهوآله بأبيات أنشده إياها :
ـ يا رب (١) إني ناشد محمدا |
|
حلف أبينا وأبيه الأتلدا |
قد كنتم ولدا وكنا والدا |
|
ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا |
فانصر هداك الله نصرا أعتدا |
|
وادع عباد الله يأتوا مددا |
فيهم رسول الله قد تجردا |
|
إن سيم خسفا وجهه تربدا |
في فيلق كالبحر يجري مزبدا |
|
إن قريشا أخلفوك الموعدا |
ونقضوا ميثاقك المؤكدا |
|
وجعلوا لي في كداء رصدا |
وزعموا أن لست أدعو أحدا |
|
وهم أذل وأقل عددا |
هم بيتونا بالوتير هجدا |
|
وقتلونا ركعا وسجدا (٢) |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : نصرت يا عمرو بن سالم ـ فما برح حتى مرت غمامة في السماء ـ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن هذه السحابة لتشهد (٣) بنصر بني كعب ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله الناس بالجهاد وكتمهم مخرجه ، وسأل الله أن يعمي على قريش خبره ـ حتى يبغتهم في بلادهم.
__________________
(١) في الدر المنثور : لا هم.
(٢) الأبيات منقولة على ما يطابق نسخة السيرة لابن هشام لكثر ـ الغلط في نسخة الدر المنثور
(٣) لتستهل. نسخة سيرة النبي.