التي دعت النبي صلىاللهعليهوآله أن يأخذ براءة وفيها نقض ما للمشركين من عهد ـ من أبي بكر ويسلمها إلى علي ليستحفظ بذلك السنة العربية فيؤديها عنه بعض أهل بيته.
قالوا : وهذا معنى قوله صلىاللهعليهوآله لما سأله أبو بكر قائلا : يا رسول الله هل نزل في شيء؟ قال : « لا ولكن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني » ومعناه أني إنما عزلتك ونصبت عليا لذلك لئلا أنقض هذه السنة العربية الجارية.
ولذلك لم ينفصل أبو بكر من شأنه فقد كان قلده إمارة الحاج وكان لأبي بكر مؤذنون يؤذنون بهذه الأحكام كأبي هريرة وغيره من الرجال الذين لم يذكر أسماؤهم في الروايات ، وكان على أحد من عنده لهذا الشأن ، ولذا ورد في بعضها : أنه خطب بمنى ولما فرغ من خطبته التفت إلى علي وقال : قم يا علي وأد رسالة رسول الله ص. وهذا ما ذكروه ووجهوا به الروايات.
والباحث الناقد إذا راجع هذه الآيات والروايات ثم تأمل ما جرت من المشاجرات الكلامية بين الفريقين : أهل السنة والشيعة في باب الأفضلية لم يرتب في أنهم خلطوا بين البحث التفسيري الذي شأنه تحصيل مداليل الآيات القرآنية ، والبحث الروائي الذي شأنه نقد معاني الأحاديث وتمييز غثها من سمينها ، وبين البحث الكلامي الناظر في أن أبا بكر أفضل من علي أو عليا أفضل من أبي بكر؟ وفي أن إمارة الحاج أفضل أو الرسالة في تبليغ آيات براءة؟ ولمن كان إمارة الحج إذ ذاك لأبي بكر أو لعلي؟ أما البحث الكلامي فلسنا نشتغل به في هذا المقام فهو خارج عن غرضنا ، وأما البحث الروائي أو التفسيري فيما يرتبط به الآيات إلى أسباب نزولها مما يتعلق بمعاني الآيات فالذي ينبغي أن يقال بالنظر إليه أنهم أخطئوا في هذا التوجيه.
فليت شعري من أين تسلموا أن هذه الجملة التي نزل بها جبرئيل : « أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك » مقيدة بنقض العهد لا يدل على أزيد من ذلك ، ولا دليل عليه من نقل أو عقل فالجملة ظاهرة أتم ظهور في أن ما كان على رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يؤديه لا يجوز أن يؤديه إلا هو أو رجل منه سواه ، كان نقض عهد من جانب الله كما في مورد براءة أو حكما آخر إلهيا على رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يؤديه ويبلغه.
وهذا غير ما كان من أقسام الرسالة منه صلىاللهعليهوآله مما ليس عليه أن يؤديه بنفسه