وفيه ، أخرج ابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله أبا بكر رضي الله عنه ـ يؤدي عنه براءة ـ فلما أرسله بعث إلى علي رضي الله عنه ـ فقال : يا علي لا يؤدي عني إلا أنا أو أنت ، فحمله على ناقته العضباء ـ فسار حتى لحق بأبي بكر رضي الله عنه ـ فأخذ منه براءة.
فأتى أبو بكر النبي صلىاللهعليهوآله وقد دخله من ذلك مخافة ـ أن يكون قد أنزلت فيه شيء ـ فلما أتاه قال : ما لي يا رسول الله؟ قال : خير أنت أخي وصاحبي في الغار ـ وأنت معي على الحوض ـ غير أنه لا يبلغ عني إلا رجل مني.
أقول : وهناك روايات أخرى في معنى ما تقدم ، وقد نقل في تفسير البرهان ، عن ابن شهرآشوب أنه رواه الطبرسي ، والبلاذري ، والترمذي ، والواقدي ، والشعبي ، والسدي ، والثعلبي ، والواحدي ، والقرطبي ، والقشيري ، والسمعاني ، وأحمد بن حنبل ، وابن بطة ، ومحمد بن إسحاق ، وأبو يعلى الموصلي ، والأعمش ، وسماك بن حرب في كتبهم عن عروة بن الزبير ، وأبي هريرة ، وأنس ، وأبي رافع ، وزيد بن نفيع ، وابن عمر ، وابن عباس ، واللفظ له : أنه لما نزل : « بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ » إلى تسع آيات أنفذ النبي صلىاللهعليهوآله أبا بكر إلى مكة ـ لأدائها فنزل جبرئيل وقال : إنه لا يؤديها إلا أنت أو رجل منك ـ فقال النبي صلىاللهعليهوآله لأمير المؤمنين : اركب ناقتي العضباء والحق أبا بكر ـ وخذ براءة من يده ـ.
قال : ولما رجع أبو بكر إلى النبي صلىاللهعليهوآله جزع ـ وقال : يا رسول الله ـ إنك أهلتني لأمر طالت الأعناق فيه ـ فلما توجهت إليه رددتني منه؟ فقال صلىاللهعليهوآله : الأمين هبط إلي عن الله تعالى : أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك ؛ وعلي مني ولا يؤدي عني إلا علي.
وفيما نقلناه من الروايات وما تركناه منها وهو أكثر وفيما سيجيء في هذا الباب نكتتان أصليتان.
إحداهما : أن بعث النبي صلىاللهعليهوآله عليا ببراءة وعزله أبا بكر إنما كان بأمر من ربه بنزول جبرئيل : « أنه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك » ولم يقيد الحكم في شيء من الروايات ببراءة أو نقض العهد فلم يرد في شيء منها : لا يؤدي براءة أو لا ينقض العهد إلا أنت أو رجل منك فلا دليل على تقييده ببراءة على ما وقع في كثير