البرية ، وكان ينمو رامي قوس ، وسكن في برية فاران ، وأخذت له أمه زوجة من أرض مصر (١).
قالت التوراة : وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم ـ فقال له : يا إبراهيم فقال : ها أنا ذا ـ فقال : خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق ـ واذهب إلى أرض المريا وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك ، فبكر إبراهيم صباحا وشد على حماره ـ وأخذ اثنين من غلمانه معه وإسحاق معه ـ وشقق حطبا لمحرقة وقام ـ وذهب إلى الموضع الذي قال له الله ، وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه ـ وأبصر الموضع من بعيد فقال إبراهيم لغلاميه : اجلسا أنتما هاهنا مع الحمار ، أما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد ونرجع إليكما ، فأخذ إبراهيم حطب المحرقة ـ ووضعه على إسحاق ابنه وأخذ بيده النار والسكين ـ فذهبا كلاهما معا ، وكلم إسحاق أباه إبراهيم ـ وقال له : يا أبي فقال : ها أنا ذا يا ابني ـ فقال : هو ذا النار والحطب ولكن أين الخروف للمحرقة؟ فقال إبراهيم : الله يرى له الخروف للمحرقة يا ابني ـ فذهبا كلاهما معا.
فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله ـ بنى هنالك إبراهيم المذبح ورتب الحطب ـ وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب ـ ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين لذبح ابنه فناداه ملاك الرب من السماء وقال : إبراهيم إبراهيم! فقال : ها أنا ذا ، فقال : لا تمد يدك إلى الغلام ولا تفعل به شيئا ـ لأني الآن علمت أنك خائف الله ـ فلم تمسك ابنك وحيدك عني فرفع إبراهيم عينيه ونظر ـ وإذا كبش وراءه ممسكا في الغابة بقرنيه ـ فذهب إبراهيم وأخذ الكبش ـ وأصعده محرقة عوضا عن ابنه ـ فدعا إبراهيم اسم ذلك الموضع « يهوه برأه » حتى أنه يقال اليوم في جبل الرب « برى » ، ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء وقال : بذاتي أقسمت يقول الرب : إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر ولم تمسك ابنك وحيدك ـ أباركك مباركة وأكثر نسلك تكثيرا ـ كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر ـ ويرث نسلك باب أعدائه ـ ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض ـ من أجل أنك سمعت لقولي ـ ثم رجع إبراهيم إلى غلاميه فقاموا ـ وذهبوا معا إلى بئر سبع ـ وسكن إبراهيم في بئر سبع.
__________________
(١) والواقع في روايات المسلمين أنه تزوج من الجرهم وهم من عشائر العرب اليمنيين.