قدمهما إليهم ـ ثم بشروه وبشروا سارة بإسحاق ـ وذكروا أمر قوم لوط ـ فجادلهم إبراهيم في هلاكهم فأقنعوه ـ وكان بعده هلاك قوم لوط.
ثم ذكرت أن إبراهيم انتقل إلى أرض « حرار » وتغرب فيها وأظهر لملكه « أبي مالك » أن سارة أخته فأخذها الملك منه ـ فعاتبها الرب في المنام ـ فأحضر إبراهيم وعاتبه على قوله : إنها أختي فاعتذر أنه إنما قال ذلك خوفا من القتل ـ واعترف أنه في الحقيقة أخته من أبيه دون أمه ـ تزوج بها فرد إليه سارة وأعطاهما مالا جزيلا ( نظير ما قص في فرعون ).
قالت التوراة : وافتقد الرب سارة كما قال وفعل الرب لسارة كما تكلم ـ فحبلت سارة وولدت لإبراهيم ابنا في شيخوخته ـ في الوقت الذي تكلم الله عنه ـ ودعا إبراهيم اسم ابنه الذي ولدته له سارة إسحاق ، وختن إبراهيم إسحاق ابنه ـ وهو ابن ثمانية أيام كما أمره الله ، وكان إبراهيم ابن مائة سنة حين ولد له إسحاق ابنه ، وقالت سارة : فقد صنع إلي الله ، ضحكا ـ كل من يسمع يضحك لي ، وقالت من قال لإبراهيم : سارة ترضع بنين حتى ولدت ابنا في شيخوخته ـ فكبر الولد وفطم وصنع إبراهيم وليمة عظيمة ـ يوم فطام إسحاق.
ورأت سارة ابن هاجر المصرية ـ الذي ولدته لإبراهيم يمزح ـ فقالت لإبراهيم : اطرد هذه الجارية وابنها ـ لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحاق ـ فقبح الكلام جدا في عيني إبراهيم لسبب ابنه ـ فقال الله لإبراهيم : لا يقبح في عينيك من أجل الغلام ـ ومن أجل جاريتك في كل ما تقول لك سارة ـ اسمع لقولها لأنه بإسحاق يدعى لك نسل ـ وابن الجارية أيضا سأجعله أمة لأنه نسلك.
فبكر إبراهيم صباحا وأخذ خبزا وقربة ماء ـ وأعطاهما لهاجر واضعا إياهما على كتفها والولد ـ وصرفها فمضت وتاهت في برية بئر سبع ـ ولما فرغ الماء من القربة طرحت الولد تحت إحدى الأشجار ـ ومضت وجلست مقابله بعيدا نحو رمية قوس ـ لأنها قالت : لا أنظر موت الولد ـ فجلست مقابله ورفعت صوتها وبكت ـ فسمع الله صوت الغلام ونادى ملاك الله هاجر من السماء ، وقال لها : ما لك يا هاجر؟ لا تخافي لأن الله قد سمع لصوت الغلام حيث هو قومي واحملي الغلام وشدي يدك به ـ لأني سأجعله أمة عظيمة ، وفتح الله عينيها فأبصرت بئر ماء ـ فذهبت وملأت القربة ماء وسقت الغلام ، وكان الله مع الغلام فكبر وسكن في