المزايا الحيوية لا يشاركه فيها غيره من سائر المسلمين ، نظير ما في قصة زيد وتعدد الأزواج والاختصاص بخمس الغنائم ونظائر ذلك.
غير أن الخصائص إذا كانت مما لا تمس فيه عامة المسلمين لم يكن من طبعها إثارة الشبهة في القلوب فإن الازدواج بزوجة المدعو ابنا مثلا لم يكن يختص به والازدواج بأكثر من أربع نسوة لو كان تجويزه لنفسه عن هوى بغير إذن الله سبحانه لم يكن يمنعه أن يجوز مثل ذلك لسائر المسلمين ، وسيرته في إيثار المسلمين على نفسه في ما كان يأخذه لله ولنفسه من الأموال ونظائر هذه الأمور لا تدع ريبا لمرتاب ولا يشتبه أمرها لمشتبه دون أن تزول الشبهة.
فقد ظهر من جميع ما تقدم أن الآية تكشف عن حكم نازل فيه شوب انتفاع للنبي صلىاللهعليهوآله ، واختصاصه بمزية حيوية مطلوبة لغيره أيضا يوجب تبليغه والعمل به حرمان الناس عنه فكان النبي صلىاللهعليهوآله يخاف إظهاره فأمره الله بتبليغه وشدد فيه ، ووعده العصمة من الناس وعدم هدايتهم في كيدهم إن كادوا فيه.
وهذا يؤيد ما وردت به النصوص من طرق الفريقين أن الآية نزلت في أمر ولاية علي عليهالسلام ، وأن الله أمر بتبليغها وكان النبي صلىاللهعليهوآله يخاف أن يتهموه في ابن عمه ، ويؤخر تبليغها وقتا إلى وقت حتى نزلت الآية فبلغها بغدير خم ، وقال فيه : من كنت مولاه فهذا علي مولاه.
وكون ولاية أمر الأمة مما لا غنى للدين عنه ظاهر لا ستر عليه ، وكيف يسوغ لمتوهم أن يتوهم أن الدين الذي يقرر بسعته لعامة البشر في عامة الأعصار والأقطار جميع ما يتعلق بالمعارف الأصلية ، والأصول الخلقية ، والأحكام الفرعية العامة لجميع حركات الإنسان وسكناته ، فرادى ومجتمعين على خلاف جميع القوانين العامة لا يحتاج إلى حافظ يحفظه حق الحفظ؟ أو أن الأمة الإسلامية والمجتمع الديني مستثنى من بين جميع المجتمعات الإنسانية مستغنية عن وال يتولى أمرها ومدبر يدبرها ومجر يجريها؟ وبأي عذر يمكن أن يعتذر إلى الباحث عن سيرة النبي الاجتماعية؟ حيث يرى أنه صلىاللهعليهوآله كان إذا خرج إلى غزوة خلف مكانه رجلا يدير رحى المجتمع ، : وقد خلف عليا مكانه على المدينة ـ عند مسيره إلى تبوك فقال : يا رسول الله أتخلفني على النساء والصبيان؟ فقال صلىاللهعليهوآله : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ـ إلا أنه لا نبي بعدي؟