الآية ، تذكر كيفية صلاة الخوف ، وتوجه الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله بفرضه إماما في صلاة الخوف ، وهذا من قبيل البيان بإيراد المثال ليكون أوضح في عين أنه أوجز وأجمل.
فالمراد بقوله « فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ » هو الصلاة جماعة ، والمراد بقوله « فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ » قيامهم في الصلاة مع النبي صلىاللهعليهوآله بنحو الايتمام ، وهم المأمورون بأخذ الأسلحة ، والمراد بقوله « فَإِذا سَجَدُوا » (إلخ) إذا سجدوا وأتموا الصلاة ليكون هؤلاء بعد إتمام سجدتهم من وراء القوم ، وكذا المراد بقوله « وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ » أن تأخذ الطائفة الثانية المصلية مع النبي صلىاللهعليهوآله حذرهم وأسلحتهم.
والمعنى ـ والله أعلم ـ : وإذا كنت أنت يا رسول الله فيهم والحال حال الخوف فأقمت لهم الصلاة أي صليتهم جماعة فأممتهم فيها ، فلا يدخلوا في الصلاة جميعا بل لتقم طائفة منهم معك بالاقتداء بك وليأخذوا معهم أسلحتهم ، ومن المعلوم أن الطائفة الأخرى يحرسونهم وأمتعتهم فإذا سجد المصلون معك وفرغوا من الصلاة فليكونوا وراءكم يحرسونكم والأمتعة ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ، وليأخذ هؤلاء المصلون أيضا كالطائفة الأولى المصلية حذرهم وأسلحتهم.
وتوصيف الطائفة بالأخرى ، وإرجاع ضمير الجمع المذكر إليها رعاية تارة لجانب اللفظ وأخرى لجانب المعنى ، كما قيل. وفي قوله تعالى « وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ » نوع من الاستعارة لطيف ، وهو جعل الحذر آلة للدفاع نظير السلاح حيث نسب إليه الأخذ الذي نسب إلى الأسلحة ، كما قيل.
قوله تعالى : « وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ ـ إلى قوله ـ واحِدَةً » في مقام التعليل للحكم المشرع ، والمعنى ظاهر.
قوله تعالى : « وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ » إلى آخر الآية. تخفيف آخر وهو أنهم إن كانوا يتأذون من مطر ينزل عليهم أو كان بعضهم مرضى فلا مانع من أن يضعوا أسلحتهم لكن يجب عليهم مع ذلك أن يأخذوا حذرهم ، ولا يغفلوا عن الذين كفروا فهم مهتمون بهم.
قوله تعالى : « فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ » والقيام والقعود جمعان أو مصدران ، وهما حالان وكذا قوله « عَلى جُنُوبِكُمْ » وهو كناية