وفي الدر المنثور ، أخرج ابن مردويه عن رجل من الأنصار عن النبي صلىاللهعليهوآله : في قوله : « فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ » قال : الرجل تكسر سنه أو تقطع يده أو يقطع الشيء أو يجرح في بدنه فيعفو عن ذلك فيحط عنه قدر خطاياه ـ فإن كان ربع الدية فربع خطاياه ، وإن كان الثلث فثلث خطاياه ، وإن كانت الدية حطت عنه خطاياه كذلك : أقول : وروي مثله أيضا عن الديلمي عن ابن عمر ، ولعل ما وقع في هذه الرواية والرواية السابقة عليها من انقسام التكفير بحسب انقسام العفو مستفاد من تنزيل الدية شرعا ـ وهي منقسمة ـ منزلة القصاص ثم توزين القصاص والدية جميعا بمغفرة الذنوب وهي أيضا منقسمة فينطبق البعض على البعض كما انطبق الكل على الكل.
وفي تفسير القمي في قوله تعالى : « لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً » قال : لكل نبي شريعة وطريق.
وفي تفسير البرهان في قوله تعالى : « أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ » ، عن الكافي بإسناده عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه رفعه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنة : رجل يقضي بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو في الجنة.
وقال عليهالسلام : الحكم حكمان : حكم الله وحكم الجاهلية ـ فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية.
أقول : وفي المعنيين جميعا أخبار كثيرة من طرق الشيعة وأهل السنة مودعة في أخبار القضاء والشهادات ، والآية تشعر بل تدل على المعنيين جميعا : أما بالنسبة إلى المعنى الأول فلأن الحكم بالجور سواء علم به أو حكم بغير علم فكان جورا بالمصادفة وكذا الحكم بالحق من غير علم كل ذلك من اتباع الهوى وقد نهى الله عنه بقوله : « فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِ » فحذر اتباع الهوى في الحكم وقابل به الحكم بالحق فعلم بذلك أن العلم بالحق شرط في جواز الحكم وإلا لم يجز لأن فيه اتباع الهوى.
على أنه يصدق عليه حكم الجاهلية المقابل لحكم الله تعالى.
وأما المعنى الثاني وهو كون الحكم منقسما إلى حكم الجاهلية وحكم الله فهو مستفاد من ظاهر قوله تعالى : « أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً » من حيث