إنه تعليم المؤمن ، فلا فرق في الكلب المعلم بين أن يكون معلمه مسلما أو غير مسلم كما لا فرق من جهة الملك بين كونه مملوكا للمسلم ومملوكا لغيره.
وفي تفسير العياشي ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام : في قول الله تبارك وتعالى : « وطعامهم حل لكم » قال : العدس والحبوب وأشباه ذلك يعني أهل الكتاب ) أقول : ورواه في التهذيب ، عنه ، ولفظه : قال : العدس والحمص وغير ذلك وفي الكافي ، والتهذيب ، في روايات عن عمار بن مروان وسماعة عن أبي عبد الله عليهالسلام : في طعام أهل الكتاب وما يحل منه ، قال : الحبوب وفي الكافي ، بإسناده عن ابن مسكان ، عن قتيبة الأعشى قال : سأل رجل أبا عبد الله وأنا عنده فقال له : الغنم يرسل فيها اليهودي والنصراني ـ فتعرض فيها العارضة فتذبح أيؤكل ذبيحته؟ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : لا تدخل ثمنها في مالك ولا تأكلها ـ فإنما هي الاسم ولا يؤمن عليها إلا مسلم ، فقال له الرجل : قال الله تعالى : « الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ » ـ فقال أبو عبد الله عليهالسلام : كان أبي يقول : إنما هي الحبوب وأشباهها.
أقول : ورواه الشيخ في التهذيب ، والعياشي في تفسيره عن قتيبة الأعشى عنه عليهالسلام.
والأحاديث ـ كما ترى ـ تفسر طعام أهل الكتاب المحلل في الآية بالحبوب وأشباهها ، وهو الذي يدل عليه لفظ الطعام عند الإطلاق كما هو ظاهر من الروايات والقصص المنقولة عن الصدر الأول ، ولذلك ذهب المعظم من علمائنا إلى حصر الحل في الحبوبات وأشباهها وما يتخذ منها مما يتغذى به.
وقد شدد النكير عليهم بعضهم (١) بأن ذلك مما يخالف عرف القرآن في استعمال الطعام.
قال ، ليس هذا هو الغالب في لغة القرآن ، فقد قال الله تعالى في هذه السورة ـ أي المائدة ـ : « أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ » ولا يقول أحد : إن الطعام من صيد البحر هو البر أو الحبوب. وقال : « كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ » ولم يقل أحد : إن الطعام هنا البر أو الحب مطلقا ،
__________________
(١) صاحب المنار في تفسيره.