( بحث روائي )
وفي الدر المنثور في قوله تعالى « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا » (الآية) : أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن ابن عباس : أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلىاللهعليهوآله ـ فقالوا : يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم فلما حوله الله إلى المدينة أمره الله بالقتال فكفوا فأنزل الله : « أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ » ( الآية).
وفيه : أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: كان أناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ، وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة ، يسارعون إلى القتال فقالوا للنبي صلىاللهعليهوآله ، ذرنا نتخذ معاول فنقاتل بها المشركين ، وذكر لنا أن عبد الرحمن بن عوف كان فيمن قال ذلك ، فنهاهم نبي الله ص عن ذلك قال : لم أومر بذلك ، فلما كانت الهجرة وأمروا بالقتل كره القوم ذلك ، وصنعوا فيه ما تسمعون قال الله تعالى ، « قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً ».
وفي تفسير العياشي ، عن صفوان بن يحيى عن أبي الحسن عليهالسلام قال : قال : الله تعالى : يا ابن آدم ، بمشيتي كنت أنت الذي تشاء وتقول ، وبقوتي أديت إلي فريضتي ، وبنعمتي قويت على معصيتي ، ما أصابك من حسنة فمن الله ، وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وذاك أني أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني ، وذاك أني لا أسأل عما أفعل ، وهم يسألون.
أقول وقد تقدم نقل الرواية بلفظ آخر في الجزء الأول من هذا الكتاب في ذيل قوله تعالى « إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً » : ( البقرة : ٢٦ ) وتقدم البحث عنها هناك.
وفي الكافي ، بإسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج قال : ذكر عند أبي عبد الله عليهالسلام البلاء وما يخص الله به المؤمن ، فقال : سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله من أشد الناس بلاء في الدنيا؟ فقال النبيون ثم الأمثل فالأمثل ، ويبتلى المؤمن بعد على قدر إيمانه وحسن أعماله : فمن صح إيمانه وحسن عمله اشتد بلاؤه ، ومن سخف إيمانه وضعف عمله قل بلاؤه.